للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثمَّ قال: يا عبدَ الملكِ، لَكأنِّي والله أنظرُ إلى شُؤْبُوبِها (١) قد همَع (٢)، وإلى عارضِها (٣) قد لمع، وكأنِّي بالوعيدِ قد أَورىَ نارًا، فأبرزَ عن

براجمَ (٤) بلا معاصم، ورؤوسٍ بلا غلاصم (٥)، فمهلًا، مهلًا بني هاشم، فبِي -والله- سَهُلَ لكم الوَعْرُ، وصفَا لكم الكَدَر، وألقتْ إليكم الأمورُ أزِمَّتَها، فبدارِ تدرككم مِن حلولِ داهيةٍ، أو خبوطٍ (٦) باليد والرِّجل (٧)، فقال: أتكَّلمُ يا أمير المؤمنين؟ قال: قل، قالَ: اتِّقِ الله فيما ولّاكَ، واحفظْهُ في رَعاياكَ التي استرعَاكَ، ولا تجعلِ الكفرَ بموضعِ الشُّكر، والعقابَ بموضعِ الثَّواب، فقد -والله- سُهِّلتْ لك الوُعور، وجُمعتْ على خوفِكَ ورجائِكَ الصدور، وشددتَ أواخيَّ (٨) ملكِكَ بأوثقَ مِن ركنِ يَلملمَ.

فأعادَه إلى محبسِه، ثمَّ أقبلَ علينا، فقالَ: والله لقد نظرتُ إلى موضعِ السَّيفِ مِن عنقِه مِرارًا، فيمنعُني مِن قتلِه إبقائي على مثلِه.


(١) الشُّؤبُوبُ: هو المطر الشديد، وجمعه شآبيب. "لسان العرب": شأب.
(٢) هَمَعَ: سال. "القاموس": همع.
(٣) العَارِضُ: السَّحابُ المعترضُ في الأفق. "القاموس": عرض.
(٤) البَراجِمُ: جمع البُرجمُة، وهي المفصل من الأصابع، "القاموس": برجم.
(٥) الغلاصِمُ: جمع الغَلصَمَة، وهي اللحمة بين الرأس والعنق. "القاموس": غلصم.
(٦) في المخطوطة: حنوط.
(٧) في المخطوطة تحريف كبير في هذا السطر، والتصويب من: "تاريخ دمشق" ٣٧/ ٢٨.
(٨) الأواخي: جمع الأَخِيَّةُ والآخِيَّة بالمدّ والتشديد: عودٌ يعرضُ في الحائطِ، ويُدفنُ طرفاه فيه، ويصير وسطُه كالعروةِ، تُشدُّ إليه الدَّابَّة. "لسان العرب": أخو.