للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نزيلُ المدينةِ، وشيخُ باسطِيَّتِها (١)، بل يُقالُ: لم يبنِهَا الواقفُ إلَّا لأجلِهِ، وكان ابتداءُ عِمارتهِ لها في سنةِ ثلاثٍ وخَمسينَ حِين حجَّ آخرَ حجَّاتِهِ، ويُدعى نصيًّا.

أقامَ بالمدينةِ على قَدمٍ عظيمٍ في سُلوكِ الصَّلاحِ، والتَّصديِّ لإقراءِ العلومِ، والتكسُّبِ، والتكرُّمِ على أهلِهَا والوارِدين عليهَا، معَ لسانٍ فصِيحٍ، وقُدرةٍ على التَّعبِيرِ، حتَّى كانَ أبو يونسَ المغربيُّ يقولُ: هو جوهرةٌ بينَ البَصلِ، ولم يختلف في تقدُّمِهِ في العلمِ والصَّلاحِ من أهلِها اثنان.

وممَّن لقِيَهُ حسينٌ الفَتْحيُّ فكتبَ عنهُ (٢):

إذا شئتَ أنْ تستقرضَ المالَ مُنْفِقًا … على شَهواتِ النَّفسِ في زمنِ العُسرِ

فَسَلْ نفسكَ الإنفاقَ مِن كَنزِ صبرِها … عليكَ وإرفاقًا إلى زمنِ اليُسرِ

فإن فَعَلَتْ كنتَ الغنيَّ وإن أَبَتْ … فكلُّ مَنُوعٍ بعدَها واسعُ العُذرِ

ووصفَهُ بِالمولَى السَّيدِ الإمامِ العلَّامةِ زينِ الدِّينِ، وكذَا لازمَهُ في علومٍ كَثيرةٍ، بل وكتبَ عليهِ البرهانُ ابنُ القطَّانِ، كما قدَّمتُ في تَرجمتِهِ، وكُتُبُهُ عندَهُ، وبعضُها بخطِّهِ. ماتَ وقد أسنَّ سنةَ سِتِّينَ وثماني مئةٍ بالمدينةِ، ودُفِنَ بالبَقِيعِ.

وبَلغنِي أنَّهُ كتبَ سَيرًا على "المنهاج"، وأنَّهُ إمَّا أن يكونَ أخذَ عنِ التَّفتازاني، أو بعضِ تلامذَتِهِ، الشكُّ مِن سامعِ ذلكَ مِنهُ.


(١) المدرسة الباسطية: أنشأها الزَّينُ عبدُ الباسطِ سنة ٨٥٣ هـ، بجوار باب السلام بالمدينة، وقرَّرَ عليًا العجميَّ على مشيختها، وقد قيل: لم يبنها إلا له. انظر: "الضوء اللامع" ٥/ ١٥٩.
(٢) الأبيات في "الضوء اللامع" ٥/ ١٥٩.