للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكان رَجلًا صَالحًا، أمَّارًا بالمعروفِ نَّهاءً عنِ المُنكرِ، مُتقشِّفًا ملازمًا طريقةَ السَّلفِ، لا يُكثر الإقامةَ بِبلدٍ، ولا ينقطعُ في الغالبِ إلى معلومٍ، بِحيثُ إنَّهُ وَلي في وقتٍ مشيخةَ خانقاه (١) ببيتِ المقدسِ ثُمَّ تركَهَا.

نعم كانتْ غالبُ إقامتِهِ بالحرمَينِ، واستقرَّ آخرًا بالمدينةِ النَّبويَّةِ، وولِيَ بهَا تدرِيسَ الحديثِ للأشرفِ شعبانَ بنِ حُسينٍ، وجمعَ كِتابًا في "رجالِ الصحيحين"، ثم وَردَ في آخرِ عمرِهِ إلى القاهرةِ، فماتَ بها في يومِ الثُّلاثاءِ خامسِ عشري جمادَى الأُولَى سنةَ اثنتينِ وثمانينَ وسبعِ مئةٍ، وصُلِّيَ عليهِ بجامعِ الحاكمِ (٢)، ثُمَّ بِمُصلَّى بابِ النَّصرِ، ودُفِنَ بتُربةِ الصُّوفيةِ ظاهرَ القاهرةِ.

وهو ممَّن ذكرهُ شيخُنَا في "درره" (٣)، و"إنبائه" (٤) معًا باختصارٍ، والوليُّ العراقيُّ في "وفياته"، والفاسي في "مكة" (٥)، وابنُ الجزرِي (٦) في "مشيخةِ الجنيدِ". رحمهُ اللهُ


(١) الخانقاه: لفظة فارسية معرَّبة، جمعها خوانق، وأصلها: خانكاه. وهي اسم لمكان الذِّكْر والعبادة المخصَّص للدَّراويش الذين يتبعون شيخًا.
(٢) جامع الحاكم: أسّسه العزيز بالله، ثمَّ أكمله الحاكم بأمر الله، وانتهى من إكماله سنة ٣٩٣ هـ، ثم جدده بيبرس الجاشنكير، وهو من أكبر جوامع القاهرة. "المواعظ والاعتبار" ٤/ ٥٥، و"حسن المحاضرة" ٢/ ٢٥٣.
(٣) "الدرر الكامنة" ٣/ ١٠.
(٤) "إنباء الغمر" ٢/ ٣٠.
(٥) "العقد الثمين" ٦/ ١٢٩.
(٦) محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدٍ، شمسُ الدِّين ابن الجزريِّ، شيخُ القُرَّاء، ومن أعلام المحدِّثين، توفي سنة ٨٣٣ هـ. "الضوء اللامع" ٩/ ٢٥٥.