للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكان إمامًا عالمًا متحرِّيًا في الأخذِ، بِحيثُ إنَّهُ يستحلفُ مَن يحدِّثُهُ بالحديثِ سوى أبي بكرٍ (١).

وكانَ قتلُهُ بالكوفةِ على يدِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ مُلجمٍ الشَّقيِّ، في رمضانَ سنةَ أربعين، عن سِتِّين سنةً فأكثر بسنةٍ أو سنتينِ أو أقلَّ، وصلَّى عليهِ ابنهُ الحسنُ، ودُفنَ بالكوفةِ عندَ قصرِ الإمارةِ، وعُمِّي قبرهُ لئلا يَنبِشَهُ الخوارج، وقيلَ: إنَّ الحسنَ نقلهُ إلى المدينة، بِحيثُ قالَ المبرِّدُ (٢) عن محمَّدِ بنِ حبيبٍ (٣): إنَّهُ أوَّلُ مَن حُوِّلَ مِن قبرٍ إلى قبرٍ، وذلكَ كما قال غيرُهُ: صُبِّر في صندوقٍ، وكثَّرُوا عليهِ منَ الكافورِ، وحُمل على بَعيرٍ يريدون بهِ المدينةَ، فدُفِن بالبقيعِ عندَ زوجتِهِ فاطمةَ الزَّهراءِ.

وكان يقولُ: بُليتُ بأربعةٍ: أطوع النَّاسِ في الناسِ عائشةَ، وأشدّ النَّاسِ الزُّبيرِ، وأعبدِ النَّاسِ محمَّدِ بنِ طلحةِ بنِ عبيدِ الله، وأسخَى النَّاسِ يَعْلَى بنُ مُنْيَةَ (٤)؛ كان يعطِي الرَّجلَ ثلاثينَ دِينَارًا وفرسًا يقولُ: اخرج قاتِل عليًّا، وقُتِل محمَّدٌ يومَ الجمَلِ، وكانَ عليٌّ يقولُ: ما قتلهُ إلَّا طاعةُ أبِيهِ. قتلهُ مروانُ بنُ الحكمِ، وكذَا قُتِل


(١) جزءٌ من حديثٍ أخرجه أبو داود في تفريع أبواب الوتر، باب: في الاستغفار (١٥١٦).
(٢) "تاريخ بغداد" ١/ ١٤٨.
والمبرِّد هو محمدُ بنُ يزيدَ البصريُّ، شيخُ النحو، وصاحب "الكامل في الأدب"، مولده سنة ٢١٠، ووفاته سنة ٢٨٥ هـ. "بغية الوعاة" ١/ ٢٢٢.
(٣) أبو جعفرٍ محمَّدُ بنُ حبيبٍ البغداديُّ، المؤرِّخُ، الأديبُ توفي سنة ٢٤٥ هـ. "تاريخ بغداد" ٢/ ٢٧٧، و"معجم الأدباء" ٦/ ٤٧٣.
(٤) مُنية أمُّه، واسمُ أبيه أمَّيةُ. وانظر قولَ عليٍّ في "معرفة الثقات" ٢/ ١٥٥.