سمِعَ على: الزَّينِ المراغيِّ في سنةِ خمسَ عشرةَ وثَمانِي مئةٍ، ثُمَّ قرأَ على والِدِهِ "صحيح مسلم" في رمضانَ سنةَ سبعٍ وعِشرين، ووصفَهُ بالفقِيهِ الفاضلِ الكامِلِ، ثُمَّ على المحبِّ المطريِّ "الشِّفا" في الأشهرِ الثَّلاثَةِ مِن سنةِ تِسعٍ وثلاثِينَ، ثُمَّ "صحيح مسلم" في الأشهرِ الثَّلاثَةِ من سنةِ إِحدى وأربعينَ، ثُمَّ "البخاري" في سنةِ سبعٍ وأربعِينَ، ووصفَهُ بالفقيهِ الصَّالِحِ العالمِ العامِلِ.
ولازَمَ النَّجمَ الواسطيَّ ابنَ السَّكَاكِينيِّ، حتى قرأَ عليهِ مِن أوَّلِ "المنهاج" إلى الجراحِ قراءةَ بحثٍ وإتقانٍ، وتدقيقِ معنًى وإمعانٍ، سائلًا عمَّا فيهِ مِن المشكِلَاتِ والمسائِلِ الغوامِضِ، مع سماعِهِ كَذلكَ مِن النِّكاحِ مِنه إلى آخرِ الكِتابِ، ومِن أوَّلِهِ إلى الزَّكاةِ، وجميعِ "المُلحَة"(١) في النَّحوِ، و"تحفةِ الطَّالبِ" فيهِ من تصانيفِ النَّجمِ.
وكتَبَ له بذَلكَ إجازةً، صدَّرَها بجوهرةِ العلماءِ السَّادةِ، ودُرَّةِ الفضلاءِ القادةِ، مع وصفِ قراءتِهِ بما تقدَّمَ، وأنَّ لهُ إلى دركِ الحقائقِ مُسارعةً، كالسَّيلِ الجارِي، في فسيحِ المجارِي، أو كالكوكبِ السَّارِي، في فَلكِ البارِي، ثُمَّ أذنَ له بالإقراءَ لمَا قرأهُ وسمِعَهُ من الفقهِ والنَّحوِ، لما علمَ مِن جَودةِ فهمِهِ وصدقِ أمانتِهِ، وأجازَ لهُ سائرَ مَرويَّاتِهِ ومصنَّفاتِهِ، وما لهُ مِن نظمٍ ونثرٍ: كـ "تخمِيسِ البُردةِ"، و"بانت سعاد"، وأرَّخَ ذلكَ بذي القَعدةِ سنةَ سبعٍ وثلاثِينَ، وقرأَ عليهِ قبلُ بخمسِ سِنينَ "الكافية النحوية" لابن الحاجِب قراءةَ بحثٍ وإتقانٍ، ومعنًى وإمعانٍ، مع السؤالِ عمَّا فيهَا
(١) "مُلحَة الأعْراب في صناعة الإعراب" منظومة في النحو، للحريريِّ أبي محمدٍ القاسمِ بنِ عليٍّ، المتوفى سنة ٥١٦ هـ. "بغية الوعاة" ٢/ ٢٦٣. طبعت عدة طبعات.