للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

علومٍ، وسَمِعَ أبا حيَّان، والتَّقيَّ الدِّلَاصِيَّ (١)، وابنَ القمَّاحِ، وغيرَهم. وارتحلَ إلى دمشقَ؛ فلقي الحُفَّاظَ بها: المِزِّيَّ، والبِرْزَاليَّ، والذَّهبيَّ. وسمعَ على: الحجَّارِ، وزينبَ ابنةِ الكمالِ. ولما حجَّ أبوه في سنةِ اثنتينِ وثلاثين، نَزَلَ له عن تدرِيس زاويةِ المالكيَّةِ بِمصرَ، وصَار مُعيدًا عندَه فيها حتَّى مَات (٢)، ثمَّ غلبَ عليهِ محبَّةُ التَّصوُّفِ، وارتحلَ لزيارةِ الصَّالحينَ، فلقِيَ منهم جمعًا، وظهرَ عليهِ سِرُّهُم، وتكلَّمَ على طريقهِم (٣)، وظهرتْ فضائلُه، وجاورَ بالمدينةِ النَّبويَّةِ سنةَ اثنتينِ وخمسِين، وقَبلَها مِرارًا.

ورأى عبدُ السَّلامِ بنُ سعيدِ بنِ غالبٍ الماضي النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- وهو يقولُ لهُ (٤): قلْ لابن الزَّواويِّ يَتكلمْ غدًا، فتكلَّمَ يومَ الجُمعةِ في الرَّوضةِ بعدَ العصرِ، وحضرَ مجلسَهُ العلماءُ، والصلحاءُ. وعادَ إلى مصرَ، فماتَ بِهَا سنةَ تِسعٍ وستِّينَ وسبعِ مئةٍ.


= العلوم، توفي سنة ٧٤٩ هـ. "الدرر الكامنة" ١/ ٧٥.
(١) الدَّلاصي: بكسر الدال المهملة، وبعدها اللام ألف، وفي آخرها الصاد المهملة، نسبة إلى دلاص، وهي قرية من سواد صعيد مصر. "الأنساب" ٢/ ٥١٩.
(٢) انظر "الدرر الكامنة" ٣/ ٢١١.
(٣) إن كان المقصود ما يقومون به مما قد لا يطلع عليه كثير من الناس مما هو مشروع فلا ضير، وأما طريقة القرآن وهدي خير الأنام فلا أسرار فيها ولا رموز، بل القرآن الكريم بيان للناس الذين منهم العالمون والجاهلون ومنهم الأميون والكاتبون والقارئون، وقد جعله الله بيانًا لهم جميعًا ميسرًا؛ ليعبد كل امرئ ربه على بصيرة، وليس في الشرع أسرار.
(٤) رؤيا المنام لا يؤخذ منها أحكام، وليست ملزمة لرائيها.