للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وبَرَعَ في العربية، وتعانى الأدبَ، وجمعَ لنفسه "ديوانًا"، وأنشأ عدَّة رسائل؛ بحيثُ انفردَ في طيبةَ بذلك، وكان يتراسلُ مع سَمِيِّهِ البرهانِ البَاعُوني (١)، بل كتبَ على "أربعين النووي" شرحًا، وكان فَكِهًا، لطيفَ المحاضرة، كثيرَ النَّوادر والمُلَح، ذا كرمٍ زائد، وأدبٍ، وغرائب، مع الخطِّ الحسنِ والمحاسن.

وقد دَرَّس وَحَدَّثَ بـ "البخاري" وغيرِه، قراءةً عليه ولدُه الشَّمسُ محمَّدٌ، وسمعَ منه الطَّلَبة، ولقيه البِقَاعيُّ (٢)، فكتب عنه، وزعمَ أنَّ جيِّدَ شعرِه قليلٌ، ينتقل فيه من بحرٍ إلى بحر، ومن لُجَّةٍ إلى قَفْر، قال: وهو بالعربية غيرُ واف، وكثيرٌ منه سَفْسَاف، وربَّما انتقلَ من الحضيض إلى السُّهى، كأنه ليسَ له قلبٌ في مدح النَّاس، فإذا قال في الغَرامِ أجاد.

وكتب بخطِّه أنَّ الأمر الذي وَسَمَ الرَّافِضَة أنهم رَفَضُوا زيدَ بنَ عليِّ بنِ الحسينِ حين خرجَ على هشامِ بنِ عبدِ الملكِ، فقالوا له: تبرَّأْ من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فقال: هما إماما عَدْلٍ، لا أتبرأُ منهُمَا رضي الله عنهما، فَرَفَضُوه، ثمَّ افترقَت كلُّ فرقة ثماني عشرةَ فرقةً. وكذا كتبَ على بعضِ الاستدعاءاتِ من نظمه ما كتبتُه مع غيره في محالَّ، ومنه:


(١) إبراهيمُ بنُ أحمدَ بنِ ناصرٍ، برهانُ الدَّين، الباعونيُّ، ولد سنة ٧٧٧، ت: ٨٧٠ هـ.
"المنهل الصافي" ١/ ٢٦، و " الضوء اللامع " ١/ ٢٦.
والبَاعُوني: نسبة إلى باعون قرية صغيرة من حوران بالقرب من عجلون.
(٢) إبراهيمُ بنُ عمرَ بنِ حسنٍ، أبو الحسن البقاعيُّ، عالمٌ بعلومٍ. ولد سنة ٨٠٩، ت: ٨٨٥ هـ. "الضوء اللامع" ١/ ١٠١، و "شذرات" ٧/ ٣٣٩. البِقاعيُّ: نسبة إلى البقاع، وهي أرضٌ واسعة بين بعلبك وحمص ودمشق. " معجم البلدان " ١/ ٤٧٠.
قلت: هي في لبنان اليوم.