للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكانت الثُّرَيَّا (١) ابنةُ عبدِ الله بنِ الحارثِ بن أميةَ الأصغرِ ابنِ عبدِ شمسِ بنِ عبد منافٍ موصوفةً بالجمالِ، فتزوَّجها سهيلُ بنُ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عوفٍ، ونقلها لمصر، فقالَ عمرُ في زواجِها يضربُ المثل بالثُّريا وسهيلٍ النَّجمين (٢):

أَيُّها المُنْكِحُ الثُّرَيّا سُهَيلًا … عَمْرَكَ الله كيف يجتمعانِ (٣)

هي شَامِيَّةٌ إذا ما اسْتَقَلَّتْ … وسُهَيْلٌ إذا اسْتَقَلَّ يَمَانِ

وبينما هو طائفٌ بالبيتِ إذا امرأةٌ طائفةٌ فأعجبَتْه، فسألَ عنها، فإذا هي بَصْرِيَّةٌ، فدنا منها وكلَّمها، فلم تلتفتْ إليه، وكرَّرَ ذلَك في اللَّيلةِ الثَّانيةِ، بحيثُ قالتْ له: أمَا تستحي، إنَّكَ في حَرَمِ الله، موضعٍ عظيمِ الحُرمَةِ! فلم ينفكَّ عنها، ومنعَها من الطَّواف، فأتت مَحْرَمًا لها فقالتْ له: تعالَ معي، أَرِني المناسكَ؛ فإنِّي لا أعرفُها، فأقبلتْ وهو معها، وعمرُ جالسٌ في طريقِها، فلمَّا رآها عَدَلَ عنها، فتمثَّلَتْ بشعرِ الزِّبْرِقانِ بنِ بدرٍ السَّعْدِيِّ (٤):

تَعْدُو الكلابُ على مَن لا كِلَابَ له … وتَتَّقِي مَرْبِضَ المُسْتَأْسِدِ الحامي

فبلغَ ذلكَ المنصورَ، فقال: ودِدْتُ أنَّه لم تبقَ فتاةٌ مِن قريشٍ في خِدرِها إلا


(١) الثُّريا بنتُ عبدِ اللهِ بنِ الحارثِ القرشية العبشمية المكية، كانَ يشبب بها عمر بن أبي ربيعة "تاريخ دمشق" ٦٩/ ٨١.
(٢) البيتان في "ديوانه"، ص ٤٦٣.
(٣) كتب فوقها في الأصل: يلتقيان. قلت: وهي الرواية الأشهر.
(٤) "ديوانه" ص ٥٢، و"حماسة البحتري" ص ٤٦٤.