للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الطباطبيِّ، وكانَ يقرأ في سُبْعِهِ، وتدرَّبَ بعبدِ القادر بنِ محمَّد بنِ يعقوبَ، واختَصَّ بمشايخِ الحرم سيَّما مرجانَ التَقَويِّ (١)، فإنَّه زادَ احتواؤُه عليه.

ونُسِبَ إليه إحداثُ مراسيمَ بما يريده، مع اتِّهامِهِ باختلاسِ مالٍ لياقوتَ الجلبانيِّ الحبشيِّ أحدِ الخُدَّام، وبالتمالي على قتلِ الزَّكويِّ القاضي، وبغيرِ ذلك، فسجنَه الأشرفُ قايتباي مرَّة بعدَ أخرى، إحداهما في المقشرةِ (٢)، ودامَ فيها نصفَ سنةٍ، بعدَ ضربِه بالمقارعِ، وذلكَ في سنةِ ستٍ وثمانين وثمانِ مئةٍ وقبلَها، ثمَّ خلصَ بعدُ، وشُرِطَ عليه عدمُ السَّفرِ إلا بإذنٍ، إلى أنْ دخلَ المدينةَ صحبةَ البدريِّ أبي البقاءِ ابنِ الجيعانِ وبعنايتِه، سنةَ تسعٍ وثمانين، فدامَ بها سنةً، ولم يَرَ مِن شيخِنا ما يعجِبُهُ، فرجعَ إلى القاهرةِ، ثمَّ عادَ في آخرِ سنةِ إحدى وتسعين معَ شيخِها الأميرِ شاهينَ، وكانَ الحلُّ والرَّبطُ بيدِه إلى انقضاءِ عُمْرِ إياسٍ، فرافعَ فيه صندلُ الخَشَقْدَمِيُّ الخازندارُ بالحرمِ في أوَّلِ سنةِ سبعٍ، فبرزَ المرسومُ بالقبضِ عليه، فاختفى وتوجَّهَ سِرًّا ليدخلَ القاهرةَ أو غيرَها، فبلغَه الطاعونُ، فعادَ إلى مكَّةَ، فأقامَ بها إلى موسمِها، وكانَ يحضرُ بمكَّةَ عندي، بل تردَّدَ إليَّ بالقاهرةِ غيرَ مرَّةٍ، ثمَّ رجعَ به شاهينُ الجماليُّ لكونِه توصَّلَ به إلى أشياءَ، فماتَ ثاني يومِ دخولِه المدينةَ


(١) مرجان التقوي الظاهري، ولي مشيخة الخدَّام سنة ٨٧٤ هـ إلى سنة ٨٨٨ هـ. "الضوء اللامع" ١٠/ ١٥٣.
(٢) المقشرةُ: سجنٌ بمصر، كانَ يُقشر فيه القمح، فجُعل لسجن أرباب الجرائم، وهو من أشنع السجون وأضيقها. انظر "المواعظ والاعتبار" ٢/ ٣٧٤ باب السجون، المقشرة.