للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عليها، وفي كلَّ يومٍ يملأُ كيسَه منها، ويجعلُه في جيبِه لأجلِ مَنْ يقفُ عليه مِن السُّؤَّالِ، أو مِن الخَدَمِ والأيتامِ.

قالَ: وكذلكَ رأيتُه لا تزالُ يدُه تنفقُ سرًّا وعلانيةً، وربَّى أيتامًا كثيرين، وأعتقَ غيرَ واحدٍ من الأرقَّاء. وقد سَمِعَ الحديثَ على جماعةٍ، وصارَ شيخًا في الرِّواية، وكانَ هو والعمادُ مُتَجاوِرَينِ في المسكنِ، متعاوِنَينِ على البِرِّ والخيرِ.

وقالَ المجدُ (١): كانَ مِن الخُدَّامِ المقدَّمين في فعلِ الخيرِ، والمبادرةِ إلى المبرَّاتِ، والمثابرةِ على الحسناتِ، والمواظبةِ على الأعمالِ الصَّالحاتِ، ومِنَ المشهورين بعلوِّ الرِّوايات، والمذكورينَ فيمن سَمِعَ على جماعةٍ مِن أصحاب المسانيدِ العالياتِ.

شهِدَ له بذلكَ خطوطُ الضَّابطينَ في الطّبَقَاتِ القديماتِ، باسطًا كفَّيْهِ مِن الغُدُوات إلى العشيَّاتِ، بإنفاق الدُّرَيْهِمات، وإخراجِ الحسنات (٢).

أعتقَ جماعةً مِن العبيدِ الخَيِّرينَ، والإماءِ الخيِّراتِ، وكانَ مِن جملتِهم الشَّيخُ عبدُ الله الخُضَريُّ، الذي قلَّما تسمحُ بمثلِه الأزمانُ والأوقاتُ.

يُحكى عن شِبل الدَّولةِ أنَّه كانَ يضعُ معلومَه في غُلْفِ أباليج السُّكَّر، محطوطًا فب أطرافِ البيتِ، لا عليه قُفْلٌ مُغلقٌ، ولا بابٌ مُسَكَّرٌ، وإنَّما يملأُ منه كلَّ يومٍ كيساً يجعلُهُ في جيبِه لا تفتُرُ عنه يده، نهارُه كالسَّحابِ الصَّيِّب بسَيْبِه (٣)، يُعطيه


(١) "المغانم المطابة" ٣/ ١٢٧٣ - ١٢٧٤.
(٢) في الأصل: وأفراح الخبيات، والمثبت من "المغانم" ٣/ ١٢٧٤.
(٣) السَّيب: العطاء. "القاموس": سيب.