الرَّشيد، صاحبِ الهَدي السَّديدِ، الشَّابِّ الفاضلِ شمس الدِّين، أصلحَ اللهُ شأنَه، وصانَه عمَّا شأنَه، وأذنَ له البهاءُ، والبُلقينيُّ، وغيرُهما في الإفتاءِ والتَّدريسِ.
وكانَ الزَّينُ المراغيُّ يقول: إنَّه قائمٌ عنَّا فِي المدينةِ بفرضِ كفايةٍ، لإقبالِه على الإقراءِ، وشغلِ الطَّلبةِ.
ووصفَه النَّجمُ السَّكاكينيُّ في إجازةِ ولدِه: شيخُ الإسلامِ، مفتي الأنام، الجامعُ بين المشروعِ والمعقول، البارعُ في الفروعِ والأصول، ذو الِهمَّةِ العليَّة، مدرِّسُ الرَّوضةِ النَّبويّة، انتهى.
وقد دَرَّسَ وحدَّثَ، وأفتى، وانتفعَ به الفضلاء، وكَثُرَ الآخذون عنه مِن أهلِ بلدِه والقادمين إليها، ولا تخلُو المدينةُ الآنَ ممَّنْ سمعَ عليه.
وأمَّا مَنْ أجازَ لهم فكثيرون جِدًّا، واختصر "المغني" للبارزي (١)، وشرح "مختصر التنبيه" للفقيه أبي غرارة البجلى، وصارَ فقيهَ المدينةِ وعالمَها، ووليَ قضاءَها في ربيعِ الثَّاني سنةَ اثنتي عشرة، وبُعثَ إليه بالتَّوقيعِ بذلك، فوصلَ في رجَبِها، وذلكَ بعدَ موتِ القاضي أبي حامدٍ المطريِّ، وأُفردت الخطابةُ بها للزَّينِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ محمَّدِ بنِ صالحٍ، ثمَّ صُرفَ عن القضاءِ به أيضًا في ذي القعدةِ منها، ثمَّ أعيدَ في سنةِ أربعَ عشرةَ، ولم يباشرْ حينئذٍ؛ لأنَّه كانَ بالقاهرة، فنابَ عنه ابنُ عمِّه الشَّرفُ تقى ابنُ عبدِ السَّلامِ، ثمَّ صُرفَ في إحدى الجُمادينِ بناصرِ الدِّينِ
(١) محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ عثمان، ويُعرف بابن البارزيِّ، الشَّافعيُّ، ولد سنة ٧٦٩ هـ، وتوفي سنة ٨٢٣ هـ. "إنباء الغمر" ٧/ ٤٠١، و"الضوء اللامع" ٩/ ١٣٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute