للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثُمَّ ارتحلَ إلى مصرَ لطلبِ العلمِ والقراءاتِ، والكتابةِ على غازي (١)، وأنَّه قرأَ للسَّبعِ على نيِّفٍ وعشرينَ شيخًا، أوَّلُهُم: الشَّمسُ الإربليُّ بحلبَ بلدِهِ، وآخرُهم الشَّمْسُ العسقلانيُّ، وأنه قرأ على الأمينِ ابنِ السَّلارِ، والشَّمسِ ابن اللبَّانِ، وما علمتُ أقرأ عليهما السَّبعَ أو بعضَها؟، وله أبياتٌ ضمَّنَها أنَّه قرأ بالعشر، ووُجِدَ بِخَطِّهِ أنه روى "الشاطبية" عن عِدَّةٍ منهم: العسقلانيُّ.

وكانت له معرفةٌ جيدةٌ بالقراءاتِ وبالكتابةِ، ولديه ذكاءٌ مفرطٌ، وأقرأ كثيرًا، وشُوهِدَ في غالبِ أوقاته يقرأُ في موضع مِن القرآن، ويُقْرَأُ عليه في آخرَ، ويكتبُ في آخرَ، فيصيبُ في الثلاثةِ، بحيثُ إنّه لا يفوتُهُ شيء في الرَّدِّ عليه، وكتبَ بخَطِّهِ كثيرًا.

ويُحكى عنه أنَّه قالَ: كتبتُ مصحَفًا على الرَّسْمِ العثمانيِّ في ثمانيةَ عشرَ يومًا بلياليها بالجامعِ الأزهر، سنةَ خمسٍ وستين وسبعِ مئةٍ، وأنَّه قالَ في آخرَ سنةِ ثلاثَ عشرةَ: إنَّه نسخَ مِئَةَ مصحفٍ وأربعةً وثمانين مصحفا وربعةً. جميعُ ذلك من صدرِهِ على الرَّسْمِ العثماني، وأزيدُ مِن رُبعِها بالقراءاتِ السَّبعِ، وعِدَّةِ علومٍ، وأنَّه كتبَ لتلكَ العلوم ديباجةً، لكلِّ مصحفٍ عدَّةَ أوراقٍ بيَّنَ فيها ما وضعَه فيه من العلومِ، وأنَّه مكثَ مدَّةً يكتُبُ في كلِّ أربعين يومًا مصحفًا، ثُمَّ مدةً في كلِّ ثلاثين يومًا.


(١) شرفُ الدِّينِ غازي بنُ قطلوبغا التركيُّ، خطَّاطٌ شهير، توفي سنة ٧٧٧ هـ. "إنباء الغمر" ١/ ١١٨.