للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وذكرَه غيرُه: أنَّه في سنةِ سبعٍ وخمسين وأربعِ مئةٍ استميلَ في قطعِ الخطبةِ للمستنصرِ العُبيدي (١) صاحبِ مصر، وخطبَ للقائمِ العباسيِّ (٢)، وتلوَّنَ بعدَ فعلِه لذلك، وأنَّه في سنةِ ستٍّ وستين رُوسِلَ مِن المستنصرِ بتقبيحِ فعله، وترغيبِه في الرُّجوعِ، فلم يلتفت، ثمَّ لما ماتَ القائمُ خطبَ للمقتدي العباسيِّ (٣)، ثمَّ قطعها، وخطبَ للمستنصرِ، ثمَّ صارَ يتلوَّن، فتارةً للمقتدي العباسيِّ، وتارةً لبني عُبيدٍ (٤)، وآلَ أمرُه إلى أنْ هربَ مِن مكَّةَ إلى بغداد في سنةِ أربعٍ وثمانين وأربعِ مئة، ثمَّ أرسلَ عسكرًا لنهب الحاجِّ في سنةِ ستٍّ وثمانين، بل كانَ هو -قبلَ ذلك في


(١) المستنصرُ بالله، معدُّ ابنُ الظاهرِ، العُبيديُّ، المصريُّ، تولَّى الإمارة بعد موت أبيه وعمره سبع سنين، ودامت له ستين سنة، إلى وفاته سنة ٤٨٧ هـ، وأيامه فتن ومجاعات. "الكامل" ١٠/ ٨٦، و"سير أعلام النبلاء" ١٥/ ١٨٦.
قالَ ابنُ فرحون: وكان بنو عُبيد قد أظهروا للناس أنهم شرفاء فاطميون، فملكوا البلاد، وقهروا العباد، وقد ذكر جماعة من أكابر العلماء أنَّ نسبتهم غير صحيحة، والمعروف أنهم بنو عبيد، وكان والد عبيدٍ هذا من نسل القدَّاح، الملحد، المجوسي. "تاريخ المدينة"، ص: ٢٣٩.
(٢) الخليفة العباسيُّ، القائمُ بأمرِ الله، هو عبدُ اللهِ بنُ عبدِ القادرِ، بويعَ بالخلافة سنة ٤٢٢ هـ واستمرَّ بها إلى وفاته سنة ٤٦٧ هـ. أولُ خلافته خيرٌ، ووسطها فتن وحروب. "سير أعلام النبلاء" ١٥/ ١٣٨.
(٣) المقتدي بأمر الله، اسمه: عبيدُ اللهِ بنُ محمَّدٍ، أبو القاسم، بويعَ بالخلافةِ بعدَ وفاة أبيه القائم بأمر الله، كان عالي الهمة، خبيرًا بالأمور، توفي سنة ٤٨٧ هـ. "الفخري"، ص: ٢٩٦، و"سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣١٨.
(٤) كان يخطب لمن يعطيه الأموال، كما ذكر ذلك ابن خلدون، والفاسي.