للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأثنى عليه ابنُ فرحونٍ (١)، وأنَّه من الخِيارِ، ممَّن كانَ يسكنُ رباطِ الشُّشتريِّ، ومِن أخصِّ النَّاسِ بالصفيِّ أبي بكرٍ السَّلَّامي (٢)، بحيثُ انتفعَ بصحبته، وانتفعَ الشَّيخُ به، وبمساعدتِه في إنشاءِ الرُّبطِ وعمارتِها، وكانَ يحكي عن الشَّيخِ غرائبَ مِن المقاماتِ الجليلة، والخصالِ الحميدة، واقتبسَ صاحبُ الترجمةِ مِن بركاتِه ودعائِه، حتَّى وجدَ أثرَ ذلكَ في أولادِه، فرُزقَ ذرِّيَّةً صالحين، كالصفيِّ أحمد، والعزِّ عبدِ السلامِ، ثمَّ قالَ: وقد صحبتُه سفرًا وحضرًا، ماشيًا وراكبًا، فما رأيتُ في الأصحابِ مثلَه في سَعةِ خُلقِه، وطولِ صبرِه، وحُسنِ عِشرته، وطِيبِ نفسِه في إنفاقِه، وحسنِ ظنِّه في رفاقِه، ولو كانوا قطَّاعَ طريق. رأيته يُسلِّمُ المالَ الكثيرَ للجمَّالين مِن أهلِ الصَّفراءِ، ويأمنُهم عليه، ويغيبُ عنه، وهو تحتَ أيديهم، فلا يتّهمهم، ومع هذا تجدُه محفوظًا في نفسِه ومالِه، وكانَ لا يردُّ مَن أرادَ منه قرضًا أو معاملة، ويُعاملُ النَّاسَ على حسبِ أخلاقِهم، لم أره ضيَّقَ على غريمٍ ولا حبسَه، وله الأموالُ العظيمةُ على صعاليكِ المدينة، وإذا طلبوا منه زيادةً زادهم، وصبرَ عليهم، ولقد كلَّمتُه في هذا، فقال: مَن كان لي عنده شيءٌ بفائدةٍ (٣)، حرصتُ على


(١) "نصيحة المشاور"، لابن فرحون، ص: ١١٣.
(٢) صفيُّ الدِّينِ، أبو بكرِ بنُ أحمدَ السَّلَّاميُّ، بتشديد اللام، نسبة إلى السَّلّامية: قريةٍ كبيرة بشرقي دجلة، على مرحلة من الموصل، من الزُّهاد العُبَّاد في المدينة المنورة، توفي عام ٧١٥ هـ تقريبا. "نصيحة المشاور"، ص: ١١٢، و "المغانم المطابة" ٣/ ١١٦٩، و"الدرر الكامنة" ١/ ٤٣٩.
(٣) هكذا في الأصل؟ ولعلها: بقاءَ يدِه.