للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقالَ ابنُ المباركِ: لم يكن بالمدينةِ أحدٌ (١) أشبهَ بأهل العلمِ منه، كنتُ أشبِّهُهُ بالياقوتَةِ بينَ العلماء، وهو مِمَّن وثَّقه أحمدُ (٢)، وابنُ مَعين، وحدَّثَ عنه: شعبةُ، ومالكٌ، وأخرجَ له مسلمٌ (٣) في الشَّواهد؛ لتكلُّمِ المتأخرين مِنْ أئمَّتِنَا في سوء حفظِهِ، بل قيل لمالكٍ: إنَّ ناسًا مِن أهل العلم يحدِّثونَ، وسمَّوا منهم ابنَ عجلان، فقالَ: إنَّه لم يكن يعرِفُ هذه الأشياء، ولم يكن عالمًا.

والحقُّ أنَّ حديثَه من قَبيل الحسَنِ، ماتَ في سنةِ ثمان وأربعين ومئةٍ بالمدينة، وقيل: سنة تسع، وكانَ قد مكثَ في بطن أمِّه ثلاثَ سنين (٤)، فشُقَّ بطنُها وأُخرجَ، وقد نبتتْ أسنانه، وبهذا ردَّ مالكٌ على الوليدِ بنِ مسلمٍ، حينَ قالَ: إني حُدِّثتُ عن عائشة أنها قالت: لا تحملُ المرأةُ فوقَ سنتين قدرَ ظلِّ مِغزَل، وقالَ: مَن يقول هذا؟ هذه أمُّ ابنِ عجلان، جارتُنا امرأةُ صِدْقٍ، ولدَتْ ثلاثةَ أولادٍ في ثنتي عشرة سنة تحملُ أربعَ سنين قبل أن تَلِدَ، بل روى الواقديُّ (٥) عن مالكٍ أنَّه قالَ: يكونُ


(١) تكرَّر في المخطوطة لفظ: لم يكن، وهو خطأ، والتصويب من: "الجرح والتعديل" ٨/ ٤٩، و"سير أعلام النبلاء" ٦/ ٣١٩.
(٢) قال أحمد بن حنبل: قال ابن عيينة: رجلان صالحان يُستسقى بهما: ابن عجلان، ويزيد بن يزيد بن جابر. "العلل ومعرفة الرجال" ١/ ٥٥.
(٣) "صحيح مسلم" كتاب المساقاة، باب تحريم الاحتكار في الأقوات، ٣/ ١١٢٧ (١٦٠٥)، ويُنظر: "تهذيب الكمال" ١/ ٤٢٠، ففيه كلام مهمٌّ عن هذا.
(٤) لا يصحُّ هذا سندًا؛ لأنَّ فيه الواقديُّ، وهو ضعيف، كما لا يثبت طِبًّا.
(٥) "الطبقات الكبرى"، القسم المتمِّم، ص: ٣٥٥.