للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مِئَةٍ، وهو ابنُ تسعِ سنينَ، ولم يلبَثْ أن خُلِعَ في المحرَّم التي تليها، بنائبِ السَّلطنة العادلِ كتبُغا المنصوريِّ (١)، مملوكِ أبيه، وبَعَثَ بالناصر إلى الكرك ليتعلَّمَ به القرآنَ والخطَّ، فدامَ حتى قَتَلَ المنصورُ حسامَ الدِّين لاجين المنصوريَّ (٢) المنتزعَ المملكةِ من كتبغا، فبويع للناصر، وخُطبَ له بالدِّيار المصريةِ مع كونِه بالكَركِ في ربيعٍ الآخرِ سنةَ ثمان وتسعينَ، ثم أُحْضِرَ، واستمرَّ حتى أظهر التَّخلِّي عن الملكِ، أنفًا من كثرة حَجْرِ نائبه سلار (٣) وأستاداره بيبرس الجاشنكير (٤)، بحيثُ مُنِعَ من خروفٍ مَشْوِيٍّ اشتهاهُ، وذلك في آخرِ سنةِ ثمان وسبعينَ بعد أن صار بالكركِ، وذلكَ أنَّهُ أظهرَ الخروجَ من مصرَ للحجِّ، ثمَّ توجَّهَ إليه، ولمّا عَلِمَ الأمراءُ بذلك،


(١) كتبغا المنصوريُّ، أُسر من عسكر هولاكو، ثم اشتراه الملك المنصور، وعظم في دولته، وازداد في دولة الأشرف، وصار نائب السلطان الناصر، ثم باشر نيابة حماة، ثم قام عليه بعض الحاشية وحاولوا قتله، فهرب، وكانت وفاته سنة ٧٠٢ هـ. "الدرر الكامنة" ٣/ ٢٦٢.
(٢) حسامُ الدِّينِ لاجينُ، سلطان مصر، كان نائبه منكو تمر، قتله كرجي الأشرفي سنة ٦٩٨ هـ بعد ما ساءت سيرته. "شذرات الذهب" ٥/ ٤٤٠.
(٣) سلَّار المنصوريُّ، نائب السلطنة، كان من مماليك الصالح ابن قلاون، وناب في الملك عن الناصر عشر سنوات، وشهد معركة شقحب ضد التَّتار، وأبلى فيها بلاء حسنا، توفي سنة ٧١٠ أو تسع. "الدرر الكامنة" ٢/ ١٧٩، و"شذرات الذهب" ٦/ ١٩.
(٤) بيبرسُ العثمانيُّ، الجاشنكيرُ، الملكُ المظفَّرُ، خلع الملك الناصر، وقام مقامه، كان موصوفًا بالعقل، له محاسن جمة، توفي سنة ٧٠٩ هـ. "الدرر الكامنة" ١/ ٥٠٢.
ومعنى الجاشنكير: الذي يتصدَّى لذوق الطعام والشاب قبل السلطان، أو الأمير خوفًا من أن يدسَّ عليه فيه سمٌّ، أو نحوه. "صبح الأعشى" ٤/ ٢١، و ٥/ ٤٦٠.