للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفَضُلٍ في الفقهِ وأصولِهِ، والعربيَّةِ وأجادَها، مع سماعه بالقاهرةِ من البدرِ الفَارِقِيِّ، والقطبِ ابنِ مُكرَّمٍ، وبالمدينةِ من الجمالِ المَطَرِيِّ وولدِهِ العفيفِ، والعفيفِ الدِّلاصِيِّ، وأبي الحسن عليِّ بنِ عمرَ بنِ حمزةَ الحَجَّارِ، وأقامَ بالمدينةِ عِدَّةَ سنينَ يُدرِّسُ ويُفتِي مع تَعَانِي التِّجارَةِ واشتهارِهِ بكثرَةِ المالِ، بحيثُ كانَ السَّبَبُ في تحوُّلِهِ من المدينة النبويَّةِ أَنَّ أَمِيرَها جَمَّازًا طلبَ منه شيئًا فَامْتَنَعَ، فَسَجَنَهُ، ثُمَّ أَفرجَ عنه، واتَّفَقَ اجْتِماعُهُما بالمسجِدِ، فوَقَعَ من جَمَّازٍ كلامٌ في حَقِّ الشَّيخَينِ، فَكَفَّرَهُ الضِّياءُ، وقام من المجلِسِ فَتَغَيَّبَ وتوصَّلَ إلى يَنْبُعَ واستجارَ بأميرها أبي الغيثِ (١)، فأرسلَهُ إلى مِصرَ فَشَنَّع على جَمَّازٍ حتى أَمَرَ السُّلطانُ بِقَتْلِهِ، فَقُتِلَ، ونَهَبَ آلُهُ دارَ الضِّياءِ، فَتَحَوَّلَ إلى مكة وتَعَصَّبَ له يَلْبُغا، فقرر له درسًا للحنفيةِ في سنة ثلاثٍ وسِتِّينَ فباشَرَهُ.

واستَمَرَّ مُقِيمًا بمكةَ حتى مات في ذي الحجةِ سنةَ ثمانين وسبعِ مئةٍ، وقد جاز الثَّمانينَ، وخَلَّفَ تَرِكَةً كبيرةً، وكان عارفًا بالفقهِ والعربيةِ، شَدِيدً التَّعَصُّبِ للحنفيةِ، كثيرَ الوقيعة في الشافعيَّةِ، غفرَ الله لنا وله، ومِمَّنْ تَرْجَمَهُ بما أثْبَتُّهُ شَيخُنا في "إِنبائِه" (٢)، وبَيَّضَ له في "دُرَرِهِ" (٣).


(١) سعد بن أبي الغيث بن قتادة، أمير ينبع، وليها غير مرة، مات معزولًا سنة ٨٠٤ هـ. "الضوء اللامع" ٣/ ٢٤٨.
(٢) "إنباء الغمر" ١/ ٢٩٢.
(٣) "الدرر الكامنة" ٤/ ١٧٧.