للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وُلِدَ في ليلة السَّبتِ سلخَ شوّالَ سنة سبعِ مئةٍ، قال فيه أخوهُ البدرُ (١): كان على طريقةِ والِدِه مِنَ العُزْلَةِ، ومحبَّةِ الوَحدَةِ والخَلوةِ، وقِلَّةِ الخُلطَةِ، وكان بي حَفِيًّا وفي دينِه قَوِيًّا، صَبَرَ على مجاهدةِ النَّفسِ في العبادةِ، حتى صارتْ له سَجِيَّةً وعادةً.

ومِن عِظَمِ شَفَقَتِه عليَّ أنه كان يَجْلِسُ دائمًا على طريقِي إلى الصَفِّ الأوَّلِ، فلا يَمُرُّ يومٌ حتى يَقِفَ معي ويسألَني عن حالي ويدعوَ لي بقلبٍ صافٍ، وودٍّ وافٍ، ومتى فَقَدَنِي في وقتِ صلاةٍ، وَقَفَ على بيتِي وسَأَلَ عن حالِي.

وخَلَفَهُ وَلَدُهُ مُحَمَّدٌ، فسَلكَ طريقتَهُ، وزاد بصُحْبَةِ المشايخِ والفقراءِ والأخذِ عنهم، له اشتغالٌ في الفِقهِ والنَّحوِ واللُّغَةِ، ومَعَ ذَلِكَ تَرَاهُ كَأَنَّهُ أحدُ التُّرابيةِ (٢).

ماتَ صاحِبُ التّرجمة في جمادى الأولى سنةَ خمسٍ وخمسينَ وسبعِ مئةٍ، وهو في "الدُّرَرِ" (٣) لشيخِنا، ولكن ما رأيتُهُ في النُّسخَةِ التىِ بِخَطِّي في مَكَّةَ، وقد أَرَّخَهُ الحسينيُّ في "ذيلِ العِبَرِ" (٤) ووصفَهُ بالقاضي، وكذا أرَّخَهُ العراقيُّ وقال فيه: القاضي شمسُ الدِّين، نابَ في الحُكمِ بالمدينةِ، وكان أحدَ الفُضَلاءِ، وانتُقِدَ بأن الذي ناب في الحُكمِ هو القاضي سديدُ الدِّين عبد الله؛ أخو صاحبِ الترجمةِ لا صاحبُ التَّرجمةِ.


(١) "نصيحة المشاور" ص: ٢٧٠.
(٢) تَرِبَ الرجل: أي إفتقر كأنه لصق بالتراب "مختار الصحاح، مادة، (ترب) ".
(٣) لم أجده في "الدرر".
(٤) "الذيل على العبر" ص: ١٦٣.