بعيالِه وجماعتِه قاصدًا استيطانَ الحجازِ، فدخل الدِّيارَ المِصرِيَّةَ، فأقامَ بها نحوَ ثلاثةِ أشهُرٍ، ورآها على خلافِ ما كانت، فركبَ البحرَ من الطُّورِ صُحبةَ نائبِ جُدَّةً، ودخل مكةَ في أثناء رجبٍ سنةَ سبعٍ وتسعين، ولقيتُه هناك على طريقةٍ حَسَنَةٍ من الانجماعِ والعبادةِ والاجتماعِ بي أحيانًا، حتى سافر مع المدنيِّين إلى طيبةَ، فقَدِمها في أواخرِها، فاستوطَنها حسبَ ما أعلَمَني به ولقيتُه حينئذٍ، فكان يجتَمِعُ عليَّ ويراجِعُني في الأسانيدِ والتراجِم، بل حضر عندي عِدَّةَ مجالِسَ، وكتب لي بِخَطِّهِ ما عَلِمَه، وقد اقترحَ عليه الخطيبُ الوزيرِيُّ -وقد عزَم على الرَّحيلِ من المدينةِ- العملَ على نَمَطِ:
يَعِزُّ علينا أن نُفارِقَ مَن نهوَى
وكان معه على السَّيِّدِ السمهوديِّ في تلكِ المنازعاتِ التي لا أُحِبُّها، سِيَّما وهي مشوبةٌ بالتَّحاسُدِ والتَّرفُّعِ، فقال:
دعانا لِنَيلِ الوصلِ داعٍ إلى الهَوَى … فأعظِم به داعٍ وأحبِب بها دَعوَى