للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الطَّبَرِيُّ، وقرأَ "البُخارِيَّ" على مُحمَّدِ بنِ عبد المعطي بنِ سالمِ بنِ سبعٍ، وعبد الله بنِ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ فرحونٍ في سنةِ سبعٍ وخمسين وسبعِ مئةٍ بالروضةِ، ووُصِفَ بالفقيهِ الجليلِ الفاضلِ الصالحِ.

وقال ابنُ فرحونٍ (١): إنّه ابنُ أختِ محمودٍ العجميِّ، وهو صاحبُنا في الله الفقيهُ العالمُ العاملُ الوَرِعُ الزاهِدُ شمسُ الدِّينِ، ذو النَّفسِ الزَّكِيَّةِ، والأخلاقِ الرَّضِيَّةِ، والطَرِيقةِ المَرضيَّةِ، اشتغلَ في الفقهِ، وشَارَكَ في عُلومٍ أتقنَهَا، ثُمَّ أكَبَّ عَلَى الإفادةِ والاشتغالِ ونشرِ العلمِ طولَ نهارِهِ، وصَحِبَ اليافعيَّ ومُوسَى الغزّاويَّ، وسُليمَانَ الوَنشَرِيسيَّ، ومَن لا يُحصَى كَثرةً، فَاكتَسَبَ مِن أَخلاقِهِم، وَتَأَدَّبَ بآدابِهِم، وسَارَ عَلَى هديهِم. وهو أَحَدُ المُؤذِّنينَ بالحَرَمِ النَّبَوِيِّ، وليس فيهم بل ولا في المدينة اليومَ من يَعلَمُ عِلمَ الميقاتِ مثلُه. وإِنَّمَا كان حنفِيًّا مع كونِ أبيه شافعيًّا، لأَنَّ أباه مات وهو ابنُ سَنَتَينِ، فإن مولِدَهُ في آخرِ سنةِ ثلاثَ عشرةَ وسبعِ مِئَةٍ، فتزوَّج الشَّيخ مُحَمّدُ بنُ داودَ أُمَّهُ، وَكَانَ شافعيًّا، فَلَمَّا قَدِمَ الشَّمسُ ابنُ العجميِّ إلى المدينةِ وَأَسَّسَ قَوَاعِدَ مذهب الحنفِيَّةِ فيها، أَمَرَ ابنَ داودَ وربيبَه صاحبَ الترجمة والشمسَ الحَلِيمِيِّ الآتي بالاشتغالِ عَلَيهِ، فَفَعَلوا، وكَثُرَتِ الحَنَفِيَّةُ في المدينةِ بِبَرَكَتِهِمَا (٢). وكان هذا فقيهًا نحويًا زاهدًا، مات سنةَ سبعٍ وثمانينَ وسبعِ مئةٍ بالمدينةِ ودُفِنَ بالبقيعِ.


(١) "نصيحة المشاور" ص: ١٧٤.
(٢) بهامش الأصل بخط عبد القادر الأنصاري: "أول ظهور مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى بالمدينة وكثرة الحنفيين بها وكان ذلك في حدود السبعين والسبع مئة".