للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال مالكٌ: كان سَيِّدَ القُرَّاءِ لا يكادُ أحدٌ يسألُهُ عن حديثٍ إلا كاد يبكي، وقال الشافعيُّ في مناظرةٍ مع غيره فقلتُ: ومحمَّدُ بن المنكدرِ عندكم كَمِئَةٍ في التفقُّهِ؟ قال: أجل وفي الفضلِ، وقال ابنُ عُيَينةَ: لم أرَ أحدًا أجدرَ أن يُحتَمَلَ عنه قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- منه، وكان من معادنِ الصِّدقِ ويجتمعُ إليه الصالحون، وقال الحميديُّ: حافظٌ، وقال إبراهيمُ بنُ المنذِرِ: غايةٌ في الحفظِ والإتقانِ والزُّهدِ حُجَّةٌ، وقال يعقوبُ بنُ شيبةَ: صحيحُ الحديثِ جدًا، وقال الواقديُّ: ثقةٌ وَرعٌ عابِدٌ قليلُ الحديثِ يكثِرُ الإسنادَ عن جابرٍ، مات سنة ثلاثين كما قاله ابنُ عُيينَةَ، وقال غيرُهُ: سنةَ إحدى عن نَيِّفٍ وسبعين سنةً، زاد غيرُه: في ولايةِ مروان بنِ محمَّدٍ.

قال شيخُنا: فيكون مولِدُه على هذا قبل سنةِ ستِّين بِيَسيرٍ، وحينئذٍ فَرِوايَتُه عن عائشةَ، وأبي هريرةَ، وكذا عن أبي أيوبٍ الأنصاريِّ، وأبي قتادَةَ، وسفينةَ، ونحوِهم مُرسَلَةٌ. انتهى.

وأخبارُه في العبادَةِ والزُّهدِ والكراماتِ ونحوِ ذلك مُنتَشِرَةٌ جِدًّا، وترجمتُه في "التهذيبِ" (١) و"تاريخِ البخاريِّ" (٢) وابنِ أبي حاتمٍ و"الحليةِ" (٣) وغيرها معلومةٌ، وكان يقولُ: أفضَلُ الأعمالِ إدخالُ السُّرورِ على المؤمنِ، وعنه: بات أخي عمرُ يصلِّي، وبِتُّ أغمِزُ قَدَمَ أُمِّي، وما أُحِبُّ أنّ ليلتي بليلته، وكان يَضَعُ خَدَّهُ بالأرضِ ويقول: يا أُمُّ ضعي قدمكِ عليه، وعنه أنه قال لمن رآه تَبِعَ جنازةَ مَن كان يَسفُهُ بالمدينةِ فَعَتَبه: والله إني


(١) "تهذيب الكمال" ٢٦/ ٥٠٣، و"تهذيب التهذيب" ٧/ ٤٤٤.
(٢) "التاريخ الكبير" ١/ ٢١٩
(٣) "حلية الأولياء" ٣/ ١٤٦.