رَأَسَ في المدينةِ، وصَنَّفَ الكُتُبَ العَديدةَ ودرَّسَ في الحديثِ والفقهِ، ثُمَّ ارتحلَ إلى شيرازَ، نِيَّتُهُ العَودُ إلى المدينةِ فَوَلِيَ بها القضاءَ، وكانَ فيها عَلَمًا يُشارُ إليه. وماتَ فيها سنةَ سبعٍ أو ثمانٍ وأربعينَ، وخلَّفَ ذُرِّيةً صالحةً وأولادًا نُجَباءَ مُشتَغِلِينَ بالعِلمِ، أكبرُهم السِّراجُ عبد اللطيفِ ومجدُ الدِّينِ وهما في مَحَلَّيهِما.
وقال المجدُ (١): الشَّيخُ الإمامُ الشمسُ، أبو عبد الله، المحدِّثُ بالمسجدِ النَّبويِّ.
كان أكبرَ إخوتهِ عُمرًا، وأغزَرَهم بَحرًا، أنشأه الله في تربيةِ والدتهِ نَشأ صليحًا، فبدأ به في غُرَّةٍ بغررِ الفوائدِ بدا مليحًا، حفظَ القرآنَ المجيدَ في صِغَرهِ، ولاحت أساريرُ السَّعادةِ في غُرَرهِ.
سافرَ إلى مصرَ والشَّامِ، وأدركَ من المُسنِدينِ المشايخَ العِظامَ، وسمع أبا المعالي الأَبرَقُوهِيَّ وطبقتَه، وتحبَّبَ إلى الأشياخِ وغرسَ في قلوبهم محبَّتَه، خرَّج له الذَّهبيُّ "مشيخةً" جليلةً، أعربَ فيِها عن رِحلةٍ واسَعةٍ وهِمَّةٍ أثيلةٍ.