للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مات بمكَّةَ في سنةِ خمسٍ وسبعِ مئةٍ، وكان سافرَ إليها مع البَدرِ حَسَنِ بنِ أحمدَ بنِ محمَّدِ بنِ عبد الرحمنِ قاضي المدينةِ، وذكره المجدُ (١) فقال: كان قريبًا لجمالِ الدين محسنٍ الإخميميِّ، فهما يتآنسانِ ويقرُنانِ في قَرَنٍ، ولا يَتدنَّسانِ من معايِبِ المثالِب بِدَرَنٍ، ويمشيانِ في نَسَقٍ واحدٍ من الهَيبةِ والمهابةِ، ويُمسيانِ في لَسَقٍ (٢) شديدٍ من حُسنِ الوِدادَةِ والصِّحابةِ، مع رُجلَةٍ (٣) وشهامة، وحذاقةٍ بدقائقِ الرِّئاسةِ والزَّعامةِ، ومحافظةٍ على وظائف المرُوءةِ، وملاحظةٍ لما يتعيَّنُ على المسلمِ من المكارمِ والفُتُوَّةِ.

ولمَّا تُوفي الزُّمرديُّ، رَأَسَ مختارٌ (٤) الخُدَّامَ، كأنه سُمِّيَ له وتقدَّم عليهم، وتكرَّم على الكُلِّ وأحسنَ إليهم، مع لِينِ الجانبِ، وكَثرةِ الأَدَبِ مع الأصحابِ والأجانِبِ، وجمعَ اللهُ له بين حُسنِ الأخلاقِ والخلائِقِ، حتى أجمعت الجماعةُ على أنَّه للمشيَخَةِ لائِقٌ، فأدركه الأجَلُ قبلَ تنفيذِ هذا الرَّأيِ منهم، وانتقلَ إلى الآخِرَةِ، وتعوَّضَ رَحِمَهُ الله عن المشيخةِ وعنهم.

وقال الفاسيُّ (٥): إنه سَمِعَ بِمَكَّةَ من ابنِ المكرَّمِ وموسى الزهرانيِّ، وبها تُوُفِّيَ بعدَ المجاورَةِ بها في يومِ الجمعةِ خامِسِ رمضانَ سنةَ خمسين وسبعِ مئةٍ، ودُفِنَ بالمعلاةِ.


(١) "المغانم" ٣/ ١٢٧٦.
(٢) اللسق واللصق بمعنى واحد وهو التلاصق "القاموس" (لسق).
(٣) الرُّجلَةُ: القوة، "القاموس" رجل.
(٤) كذا وقع في الأصل تبعا للفيروز آبادي، وصوابه: كما عند ابن فرحون ص: ٥٩: "محسن".
(٥) "العقد الثمين" ٧/ ١٦٠.