شوَّالٍ سنة أربعٍ وثلاثين، وحَفِظَ "الأربعين" و"العمدَةَ" و"المنهاجَ" و"التنبيهَ" و"الألفيَّةَ" وقطعةً من "الحاوي"، وعرض في سنةِ ثلاثٍ وأربعين فما بعدَها على الجمالِ الكازرونيِّ والمحبِّ المطرِيِّ وأبي الفتحِ وأبي الفَرَجِ المراغِيَّينِ وأجازوا له، وعلى أبي الفَرَجِ ابنِ الجمالِ المذكورِ، وعبد الله بنِ محمَّدِ بنِ فرحونٍ المالكيِّ وإبراهيمَ بنِ جلالٍ الخُجَندِيِّ الحنفيِّ، والسيِّدِ عليٍّ شيخ الباسِطِيَّةِ المدنِيَّةِ ولم يجيزوا، وسمعَ على الجمالِ الكازرونيِّ "الموطَّأَ" و"الصَّحِيحَينِ" و"سُنَنَ أبي داودَ" و"ابنِ ماجه" وبعضَ "الترمذيِّ" وجميعَ "الشِّفاءِ" و"الترغيبَ" للمنذِرِيِّ وغيرَ ذلك، وعلى أبي الفتحِ المراغيِّ "الصَّحيحَينِ" و"الشفاءَ" وغيرَها بعد سماعِهِ منه للمُسَلسَلِ بالأوَّليَّةِ بشرطِه، وكذا سَمِعَهُ بِشَرطِهِ على زينبَ ابنةِ اليافعيِّ بقراءَةِ الفتحيِّ بالمدينةِ سنةَ خمسٍ وأربعين، وأجاز له شيخُنا والمحبُّ ابنُ نصرِ الله الحنبليُّ وأبو ذَرٍّ الزركشيُّ والشمسُ محمَّدُ بنُ محمودٍ البالِسيُّ في استدعاءٍ مُؤرَّخٍ برمضانَ سنةَ اثنتينِ وأربعينَ، واشتغلَ على أبيهِ وغيرِه، وقرأ في العربيَّةِ على السَّيِّدِ شيخِ الباسِطِيَّةِ وصاهرَ أبا الفَرَجِ الكازرونيِّ على ابنَتِهِ واستولَدَها المُشارَ إليهم، وكان فاضلًا وجيهًا يتكلَّمُ في دَشيشَةِ الظّاهِرِ جُقمُقَ (١)، بل هو أحدُ شُهودِ الحَرَمِ، ومات قبلَ أن يُكمِلَ الخمسين في عِشري ذي الحِجَّةِ سنةَ اثنتين وسبعين وثماني مئةٍ بالمدينةِ رحمه الله.
(١) الجشيش: حنطة تطحن طحنًا جليلًا فتجعل في قدرٍ ويلقى فيها لحمٌ أو تمرٌ فيطبخ، ويقال لها: دشيشة "تاج العروس" جشش، وهو طعامٌ كان يوزع على فقراء المدينة.