وعنه: الحكمُ بنُ عُتَيبَةَ، ووفد على معاويةَ واستعملَه أخوه على البصرةِ، وقتلَ المُختارَ بن أبي عبيدٍ ثم عَزَلَهُ أخوه واستعمله بعد ذلك سنةَ تسعٍ وسِتِّين على العراقِ، فأقام بها يُقاوِمُ عبد الله بنَ مروانَ ويُحارِبُه إلى أن قُتِلَ، وكان يُسمَّى: آنيةَ النحلِ؛ من كرمِه وجودِه، وفيه يقولُ عُبيدُ الله بنُ قيسِ الرُّقَيَّاتِ (١):
إنما مُصعَبٌ شِهابٌ من الله … تجلَّت عن وجهِهِ الظَّلماءُ
ملكُه مُلكُ عِزَّةٍ ليس فيها … جَبَروتٌ منه ولا كِبرياءُ
يَتَّقِي اللهَ في الأُمُور وقد … أفلَحَ منَ كان هَمُّهُ الاتِّقاءُ
وله فيه غيرُ هذا، ولم يكن له -كما قال مُصعبُ بنُ عبد الله الآتي (٤١٥٩) - ولدٌ اسمُهُ عبد الله وإن كُنِّيَ به، وقال إسماعيلُ بنُ أبي خالدٍ: ما رأيتُ أميرًا قَطُّ أحسَنَ منه، ونحوُه قولُ الشَّعبِيِّ: ما رأيتُ أميرًا قَطُّ على مِنبَرٍ أحسَنَ منه، وقال المدايِنِيُّ: إنه كان يُحسَدُ على الجمال، فنظرَ يومًا وهو يخطبُ إلى أبي خيرانِ الحمَّانيِّ فصرفَ وجهَه عنه، ثم دخلَ ابن جودانَ الجهضميُّ فسكتَ وجلَسَ، ودخل الحَسَنُ فنزلَ عن المنبر.
وقال أبو الزِّناد: اجتمعَ في الحِجرِ عبد الله ومصعَبُ وعُروَةُ بنو الزبير وابنُ عُمَرَ، فقالوا: تمنَّوا، فتمنَّى الأوَّلُ الخلافةَ، والثاني أمر العراقِ والجمعَ بين عائِشَةَ ابنةِ طلحةَ وسُكينَةَ ابنةِ الحُسينِ، والثّالثُ أن يُؤخَذَ العِلمُ عنه، والرابعُ المغفِرَةَ، فبَلَغُوا أمانِيَهم، ولعلَّ ابن عُمَرَ قد غُفِرَ له.