للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

روى عنه: ابنُه عبد الملك، ولمَّا حضرَه الموتُ، قالَ: لا تبكوا عليَّ؛ فإنِّي لم أتنطَّف (١) بخطيئةٍ منذُ أسلمتُ، وكانَ مِن شعراء بني هاشمٍ، أسلمَ أيَّامَ الفتحِ، وكانَ وقعَ منه كلامٌ في النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وإيَّاه عنى حسَّانُ بقولِه (٢):

ألا أبلغْ أبا سفيانَ عنِّي … مُغلغلةً فقد برِحَ الخَفاءُ

هجوتَ محمَّدًا فأجبتُ عنه … وعندَ الله في ذاكَ الجَزاءُ

ثمَّ أسلمَ، وحسُنَ إسلامُه، وحضرَ فتحَ مكَّةَ مسلمًا، وأبلى يومَ حُنينٍ بلاءً حسنًا، وأحبَّه رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، وشهدَ له بالجنَّةِ، وقالَ (٣): "أرجو أنْ يكونَ خلَفًا مِن حمزةَ"، وله مرثيةٌ في النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- لاميةٌ (٤)، وقيل: إنَّه حجَّ، فحلقَ رأسَه، فقطعَ الحلَّاقُ ثُؤْلُولًا كانَ في رأسِه، فمرضَ منه، وماتَ بعدَ مقدمِه مِن الحجِّ بالمدينةِ، سنةَ عشرين، وصلَّى عليه عمرُ بعدَ أخيه نوفلٍ بأربعةِ أشهرٍ في قولٍ.

قالَ الآقشهريُّ (٥): ماتَ بالمدينةِ في الثَّانيةِ مِن سِني عمرَ، ودُفنَ بالبقيعِ، وصلَّى عليه عمرُ، ولا عَقِبَ له.

قلتُ: وأبو سفيانَ ماتَ سنةَ خمسَ عشرةَ في خلافةِ عمرَ، فصلَّى عليه المغيرةُ، وقيل: سنةَ عشرين.


(١) أي: لم أتلطَّخ. "لسان العرب": نطف.
(٢) "ديوان حسان بن ثابت"، ص: ٦٠، وعجز البيت الأول فيه: فأنتَ مجوَّفٌ نَخِبٌ هواءُ.
(٣) "أسد الغابة" ٦/ ١٤٦.
(٤) مطلعها: أرِقتُ فباتَ ليلي لا يزولُ … وليلُ أخي المصيبةِ فيه طولُ
والقصيدة في "أسد الغابة" ٦/ ١٤٧، و"سير أعلام النبلاء" ١/ ٢٠٥.
(٥) "الروضة الفردوسية" ٢/ ٨٢٥، وفيه: "بعد أن استخلف عمر بسنة وسبعة أشهر".