للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وسببُ ذلك: أنَّ عبد الملكِ كتبَ إلى أمراءِ الآفاقِ أن يبايعوا بالخلافةِ بعدَه للوليد ثمَّ سليمانَ وَلَدَيْهِ، فامتنعَ، ورأى عدمَ جوازِه، وقالَ: أنظرُ ما يصنعُ النَّاسُ، فضربَه ستين سوطًا، وطوَّفَ به، وسجنَه، فبعثَ عبد الملكِ إلى هشامٍ يُعنِّفُه ويلومُه.

قالَ أبو المِقدامِ: مَرُّوا علينا بسعيدٍ ونحنُ في الكُتَّابِ وقد ضُربَ مئةَ سَوطٍ، وعليه تُبَّانُ شَعرٍ، وأوهموه أنَّهم يصلبونه، وقالَ الواقديُّ: حدَّثني ابنُ أبي سبرةَ عن سالمٍ مولى أبي جعفرٍ قالَ: كان هشامٌ يؤذي عليَّ بنَ الحسينِ وأهلَ بيتِه، يخطبُ بذلكَ على المنبرِ، وينالُ مِن عليٍّ (١)، فلمَّا وَلِيَ الوليدُ عزلَه، وأمرَ بأنْ يُوقفَ للنَّاسِ، فقالَ سعيدُ بنُ المسيَّبِ لولدِه محمَّدٍ: لا تؤذهِ، فإنِّي أَدَعُه لله، وللرَّحمِ.

ومرَّ عليه عليُّ بنُ الحسينِ، فسلَّم عليه، فقالَ هشامٌ: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: ١٢٤] (٢)، وقد كانَ سليمانُ بنُ عبد الملكِ شفعَ فيه إلى الوليدِ، حتَّى خلَّاه، وعفا عنه، ولأجلِ فعلِه معَ سعيدٍ وغيرِه كتبَ بعضُ أهلِ العلمِ في هامشِ ترجمتِه من كتابِ ابنِ أبي حاتمٍ: لا تحلُّ الرِّوايةُ عن هذا.

وذكرَ الزُّبير بنُ بكَّارٍ أنَّ عبد الملكِ أوصى ولدَه الوليدَ بهشامٍ، فلم يبدأ بأوَّلَ مِن عزلِه، ولمَّا عزلَه استعملَ بدلَه عمرَ بنَ عبد العزيزِ (٣).


(١) "جمهرة نسب قريش"، ص: ٨٣، و "نسب قريش"، لمصعب، ص: ٤٧.
(٢) وهي قراءةُ جميع القرَّاء إلا ابنَ كثير، وحفصًا. "إتحاف فضلاء البشر"، ص: ٢٧٣.
(٣) "نسب قريش"، ص: ٣٢٩.