للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فقالَ: لا أذكرُ، فعوتبَ، فقالَ: لم يُعوِّدْني الله في الصِّدقِ إلا خيرًا، وقالَ عمرُ بنُ عليٍّ المقدَّميُّ عنه: إنَّه دخلَ على المنصورِ، فقالَ له: يا أميرَ المؤمنين، اقضِ عني دَيني. قالَ؟ وكم دَينُكَ؟ قالَ: مئةُ ألفٍ. قالَ: وأنتَ في فِقهكَ وفضلِكَ تأخذُ دَينًا مئةَ ألفٍ، ليسَ عندَكَ قضاؤُها؟ فقالَ: يا أميرَ المؤمنين، شَبَّ فتيانٌ مِن فِتيانِنا، فأحببتُ أنْ أُبوِّئَهم، وخشيتُ أنْ يُنشرَ عليَّ مِن أمرِهم ما أكرهُ، فبوَّأتُهم، واتَّخذتُ لهم منازلَ، وأوَلمتُ عنهم؛ ثقةً بالله، وبأميرِ المؤمنين. قالَ: فردَّدَ عليهم: مئةَ ألفٍ؛ استعظامًا لها، ثمَّ قالَ: قد أمرنا لك بعشرةِ آلافٍ، فقالَ: يا أميرَ المؤمنين، فأعطني ما أعطيتَ وأنتَ طيِّبُ النَّفسِ، فإنِّي سمعتُ أبي يحدِّث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قالَ (١): "مَنْ أعطى عطيَّةً وهو بها طيِّبُ النَّفسِ، بوركَ للمُعطي والمُعطَى". قالَ: فإنِّي بها طيِّبُ النَّفسِ، وهذا مرسلٌ.

ويُروى أنَّه أهوى ليدِ المنصورِ يقبِّلُها، فمنعَه، وقالَ: يا ابنَ عروةَ، إنَّا نُكرمُكَ عنها، ونُكرمُها عن غيرِكَ، وذكرَه ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات" (٢)، وقالَ: كان مُتقنًا، ورعًا، فاضلًا، حافظًا، وقالَ ابنُ إسحاقَ: حدَّثني الزُّهريُّ وهشامٌ، وما أرى إلا أنَّ هشامًا كانَ أحفظَهما للزومِه. يعني: لأبيه، وسوَّى ابنُ مَعِينٍ بينهما، فلم يُفضِّلِ، وقالَ وُهَيبٌ: إنَّه قدمَ علينا، فكانَ مِثلَ الحسنِ وابنِ سيرين، وكانَ مولدُه سنةَ إحدى وستين، وماتَ ببغدادَ سنةَ


(١) أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" ١٤/ ٤٠، وقال الذهبي في "السير" ٦/ ٤٥: هذا حديثٌ مرسل.
(٢) "الثقات" ٥/ ٥٠٢.