للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الشرفاءَ غرَّمُوهُ شيئًا بعدَ التضييقِ عليهِ فرأيتُ أخاهُ في المنامِ وهُوَ عَلَى حالةٍ حسنةٍ وهو يشيرُ إلى أخيهِ هَذَا كالمتشمِّتِ بهِ ويقولُ: مَا عرفَ قدري حَتَّى فقدَنِي، وكانَ العَلَمُ هَذَا حاكمًا عدلًا فقيهًا فاضلًا رئيسًا مقدمًا عندَ السِّراجِ يُحِبُّهُ ويُعَظِّمُهُ ويشاورُهُ، وقالَ لي العَلَمُ: وَالله مَا فَرِحْتُ بهذَا المَنصِبِ، وَإِنِي لأَرجو أن يُقِيلَنِي اللهُ منه، وَذَكَرَ لِي أَنَّهُ رَأَى في المَنَامِ كَأَنَّهُ عَلَى سَطْحِ قُبَاءَ وَأَنَّهُ عَلَى طَرَفِ الحَائِطِ قد تَدَلَّى وَلم يَبقَ إِلا أَن يَسقُطَ فَيهلكَ وَهو مِنَ الخَوفِ في أَعظمِ مَا يَكونُ حَتَى نَجَّاهُ اللهُ، وَكَانَ ذلك تَسلِيةً له عند العَزلِ، وَكَانَ قد جَرَى في أَحكَامِهِ عَلَى السداد (١) خُصوصًا عَلَى الخُدَّامِ وَمَنَعهم مِنَ الشَّمعِ وَالدَرَاهِمِ وَغَيرِ ذَلِكَ مِمَا يَجمَعَونَهُ في صُندوقِ النُّذورِ في أيَّامِ المَوسِمِ، وقال لهم: هَذَا يَجرِي في مَصَالِحِ الحَرَمِ لا يَجُوزُ لكم قَسْمُهُ بينَكُم، فَتَضَيَّقوا مِنْ ذَلكَ وَعَزَّ عَلَيهم فَغَلَبَهُم عليه ولم يَصْرِف لهم منه شَيئًا وَكَانَ الحَقُّ مَعَهُ، مَاتَ في سَنَةِ خَمسٍ وأربعينَ وسَبعِ مِئةٍ، وَتَبِعَهُ المجدُ (٢) بِأَمتَنِ عِبَارَةٍ وَأَبينِ إِشَارةٍ وقال: إِنَّ البَهاءَ ابنَ سَلامةَ المُتَوَلِّيَ لِلخَطَابَةِ وَالإِمَامَةِ، كَانَ فَاضلًا أديبًا، وكاتبًا أريبًا، ومُتَرَسِّلًا لبيبًا، يحوكُ الكلامَ نثرًا ونظمًا، وَيَفوقُ الأنَامَ بِفَكِّ الخطِّ المُعمَّى.

فاستمرَّ عامَينِ في الإِمامةِ والخَطابةِ وَمَا استَمرَأَ المعلومَ ولا استَهناهُ ولا استَطَابَهُ، وَذلكَ لأنَّهُ اطَّلعَ على شَرطِ الواقفِ، فَوَجَدَ مِن جُملَتِهَا مَعرِفةَ عُلومِ القِرَاءاتِ، وَمعرفَة الأَصلَينِ وَمعرفةَ الفَرَائِضِ، وَغيرَ ذَلكَ مِنَ


(١) في الأصل: "على السد"، والتصويب من "نصيحة المشاور" ص: ٢١٦.
(٢) "المغانم المطابة" ٣/ ١٣١٩.