للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقالَ ابنُ عبدِ البرِّ (١): هذَهِ القضيةُ لا تثبتُ من جهةِ النقلِ، وفيها اضطرابٌ كثيرٌ، وقدْ روي عن عمرو بنِ دينارٍ وجريرِ بنِ حازمٍ وأيوبَ أنَّ الذي تمسَّكَ بنصيبِهِ من أبي رافعٍ هو خالدٌ وحدَهُ، وفي روايةٍ أخرى: أنَّه كان لأبي أُحَيْحَةَ إلا سهمًا واحدًا، فأعتقَ بنوه أنصباهم، فاشترى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- ذلكَ السَّهمَ فأعتقَهُ.

قال شيخُنَا (٢) بعدَ حكايتِهِ هذَا: قد ذكرَ أبو سعيدِ بنُ الأعرابي: هذِه القصةَ في "معجمِهِ" (٣) من طريقِ جريرِ بنِ حازمٍ عن حمادِ ابنِ مُوسَى رجلٍ من أهلِ المدينةَ أنَّ عُثمانَ بنَ البهيِّ بنِ أبي رافعٍ حدَّثَه، قال: كان أبو أُحَيحَةَ ترك جدِّي ميراثًا فخرجَ يومَ بدرٍ معَ بنيه فأعتقَ ثلاثةٌ منهم أنصباءهُم، وهم: سعيدٌ وعُبيدٌ والعاصي فقُتِلُوا ثلاثتهم يومَ بدرٍ كُفَّارًا، فأعتقَ بنو سعيدٍ أنصباهم غيرُ خالدِ بنِ سعيدٍ، لأنَّه كان غضبَ على أبي رافعٍ بسبب أُمِّ ولدٍ لأبي أُحيحةَ أراد أن يتزوجَهَا، فنهاه خالدٌ فعصاهُ، فاحتملَ عليه، فلمَّا أسلَمَ أبو رافعٍ وهاجرَ كلَّم رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- خالدًا في أمرِهِ فأبى أن يعتقَ أو يبيعَ أو يهبَ، ثُم ندِمَ بعدَ ذلكَ، فوهبَهُ للنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فأعتقَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- نصيبَهُ، وكانَ أبو رافعٍ يقولُ إنَّه مَولى رسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، فلمَّا ولي عمرو بنُ سعيدِ بنِ العاصي المدينةَ أرسلَ إلى البهي بنِ أبي رافعٍ فقالَ له: مَنْ مولاكَ؟ قال: رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، فضربَه مائةَ سوطٍ، ثُم سأله مَنْ مولاك؟


(١) "الاستيعاب" ١/ ٨٣ - ٨٤.
(٢) "الإصابة" ٤/ ٦٨.
(٣) "معجم ابن الأعرابي" ٣/ ١٠٥٤.