للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وإلى كثيرٍ من المجاورين، بل كانَ شأنُه السَّعيَ في مصالحِ المسلمين وحوائجِهم، وهو السَّببُ في إنشاءِ الرِّباطِ المنسوبِ إليَّ، وله فضيلة كثيرةُ في علومٍ، أجلُّها الفروعُ والأصولُ، والنَّحو، وفي مجاورته الأولى سكنَ مَبْرَكَ النَّاقة (١)، وقد رأيتُه خَلا قبلَ قدومِه بأيَّامٍ يسيرةٍ من مجاورته الأخرى، فنزل فيه أيضًا، وكان هذا من العجائب. وقال الوليُّ العراقيُّ (٢): وترافقَ هو ووالدي على الخروجِ للمجاورةِ، في شهرِ ربيعٍ الأوَّلِ سنةَ ثمان وستين، وكنتُ معهما وجميعُ عيالِ الوالد، فبدأَ بالمدينةِ، فأقامَ بها مدَّةَ أشهرٍ، كتبَ فيها بخطِّه "ألفيةَ" الوالد، وحضرَ تدريسَها في تلكَ المجاورةِ عندَه، وخرجا إلى مكَّةَ، وكان لي منه حظٌّ كبيرٌ من الإحسانِ والملاطفةِ، انتهى.

ورأيتُ من تصانيفِه بالمدينةِ: "شرحَ اللُّمحة البدرية في علم العربية" لشيخِه أبي حيَّانَ (٣)، سمَّاه: "المنحة السَّنيَّة" (٤)، وهو في كراريس. ومولدُه سنةَ ستةٍ واثنتين وسبعِ مئة، واشتغلَ بالعلمِ وهو ابنُ عشرين سنةً، وتفقَّه بالسُّنْبَاطيِّ (٥)، والسُّبكيِّ (٦)،


(١) مَبْرَكُ الناقة: هو المكانُ الذي بركت فيه راحلة النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قدم المدينة مهاجرًا. وهي دار أبي أيوب الأنصاريِّ، وتقع خلف المسجد من شرقيه إلى جهة رِجْلَيِّ النبي - صلى الله عليه وسلم -. ينظر: "المغانم المطابة في معالم طابة" ٣/ ١٠٧٠.
(٢) في ذيل "العبر" له ١/ ٢٦٢.
(٣) محمَّدُ بنُ يوسفَ بنِ عليٍّ، أثيرُ الدِّين، أبو حيَّانَ، النحويُّ، الأندلسيُّ، عالم بالقراءات، والعربية، والتفسير، له: "البحر المحيط"، ولد سنة ٦٥٤ هـ، وتوفي سنة ٧٤٥ هـ، "الدرر الكامنة " ٤/ ٣٠٢.
(٤) "المنحة السنية شرح اللمحة البدرية"، لم أقف عليه ولا أعلم له وجودًا، والله أعلم.
(٥) محمَّدُ بنُ عبدِ الصَّمدِ بنِ عبد القادرِ، قطبُ الدِّين السُّنباطيُّ، توفي سنة ٧٢٢ هـ. "البداية والنهاية" ١٤/ ١٠٤. والسُّنباطي: نسبة إلى سنباط، بلد من الغربية بمصر. "لب الألباب" ٢/ ٣٢.
(٦) عليُّ بنُ عبدِ الكافي، أبو الحسن، تقيُّ الدِّين السُّبكيُّ، الشافعيُّ، العلامة، ولد سنة ٦٨٣ هـ، وتوفي سنة ٧٥٦ هـ. "طبقات الشافعية الكبرى" ١٠/ ١٣٩.