للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الشِّهابِ ابن قاوانَ في سنةِ اثنتين وثمانين بالمدينةِ في آخرين، كأبب الفرَجِ المراغيِّ قرأَ عليه "ثلاثياتِ البخاري"، و"الأربعين النووية"، وكذا التي خرَّجها شيخُنا لأبيه، وبعضَ "المنهاج"، و"إيضاح المناسكِ"، كلاهما للنَّوويِّ، وتناولهَما منه، وسمعَ جدَّه لأمِّه (١)، وتلقَّنَ الذِّكرَ مِن محمَّدٍ الخُراسانيِّ حينَ قدومِه عليهم معَ الرَّكبِ العراقيِّ، ولقيَني بمنىً فقرأَ عليَّ "ثلاثياتِ البخاري"، وسمعَ منِّي المُسلسل، وغيرَ ذلك، وكذا سمعَ منِّي بالمدينةِ أشياءَ، ولمَّا وقعَ الحريقُ في المسجدِ النَّبويِّ (٢) أشرفَ على الهلاكِ، فسلَّمَه اللّهُ، لكنَّه بقيَ مُتوعكًّا إلى رجب، سنةَ سبعٍ وثمانين أو قريبه، وتعانى النَّظمَ والنَّثرَ، وأتى منهما بما لعلَّه يُستحسنُ معَ خطٍّ حسنٍ، وذكاءٍ وفَهمٍ، وعملَ جزءًا في المفاخرةِ بينَ قُباء والعوالي؛ سمَّاه: "الحدائقَ الغَوَالي في قُبَاء والعَوالي" (٣)، قرَّظَه له غيرُ واحد، وكنتُ منهم، وكذا عمِلَ: "ورودَ النِّعمَ وصدورَ النِّقم"، في الحريقِ المشارِ إليه، أجادَ فيه، وبعدَ موتِ أخيه عبدِ العزيزِ "نثرَ البديعَ من الأدبِ في زهر المراثي والنَّدب"، وغيرَ ذلك، ممَّا أرسلَ لي بأكثرِه معَ مرثيةِ الإبشيطيِّ وغيرِ ها بخطِّه، وأوردتُ في "الضَّوءِ اللَّامعِ" (٤) من نظمِه أشياءَ، ومن ذلكَ في مطرٍ ليلةَ الحريقِ:

لَمْ أنْسَ إذْ زَارَت بجُنْحِ الدُّجَى … سَافِرَةً عن ثَغرِهَا بَارِقَهْ

نَادَى رَقيبُ الوَصْلِ في إثْرِهَا … يا قومِ قد أنذرتُكم صَاعِقَهْ


(١) أي: أبو الفرج الكازروني، تقدمت ترجمته.
(٢) في شهر رمضان، سنة ٨٨٦ هـ. انظر: "وفاء الوفا" ٣/ ٤١٠.
(٣) طبع بتحقيق: محمَّد فال الشنقيطي، المدينة المنورة، ١٤٢١ هـ.
(٤) "الضوء اللامع" ٢/ ٢٢٥.