للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فهربَ عنها عاملُها جعفرُ بنُ عيسى، فنهبَ (١) إسماعيلُ منزلَه ومنازلَ أصحابِ السُّلطانِ، وقتلَ الجندَ، وجماعةً مِن أهلِ مكَّةَ، وأخذَ ما كانَ حُمِلَ لإصلاحِ العينِ من المال، وما في الكَعبةِ من الذَّهبِ، وما في خِزانتِها من الذَّهبِ والفِضَّة، والطِّيبِ وكِسويها، وأخذَ من النَّاس نحوَ مئتي ألفِ دينارٍ، ونهبَ مكَّةَ، ثُمَّ خرجَ منها بعدَ خمسين يومًا، سائرًا إلى المدينة، فتوارى عنه عاملُها عليُّ بنُ الحسينِ بنِ إسماعيلَ، ثُمَّ رجعَ إلى مكَّةَ في رجبٍ، فحاصرها حتَّى ماتَ أهلُها جوعًا وعطشاً، إلى آخر ما قال ابنُ جرير (٢). وكان المعتزُّ ابنُ المتوكَّل الخليفةُ العباسيُّ (٣) وَجَّهَ جماعةً لقتالِه، فقاتَلهم، وقتلَ مِن الحاجِّ نحوَ ألفٍ ومئة، وهربَ النَّاسُ إلى مكَّة فلم يقفوا بعرفةَ لا ليلًا ولا نهارًا، ووقفَ هو وأصحابُه، ثُمَّ رجعَ إلى جُد، فأفنى أموالها. وقال ابنُ خَلدون (٤): إنَّه كان يتردَّدُ إلى الحجازِ مِن سنةِ اثنتين وعشرين، وإنَّه خرجَ في أعرابِ الحِجازِ، وتسمَّى بالسَّفَّاكِ، وإنَّ أخاه محمَّدَ بنَ يوسفَ الملقَّبِ بالأُخَيْضِرِ خرجَ بعدَه، ووِلِيَ مكانَه، انتهى. وكانت وفاةُ إسماعيلَ في آخرِ سنةِ اثنتين وخمسين ومئتين، بعد ابتلائِه بالجُدَريِّ، ذكرَه الفاسيُّ (٥).

وفي "الجمهرة" (٦) لابن حزمٍ: إنَّه حاصرَ المدينةَ، حتى ماتَ أهلُها جُوعًا، ولم يُصلِّ أحدٌ في مسجدِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ ماتَ بالجُدَري وله اثنان وعشرون سنةً، ولم يُعقِّب،


(١) تحرَّفت في الأصل إلى: فهرب، والتصويب من "العقد الثمين" ٣/ ٣١٢.
(٢) "تاريخ الطبري" ١/ ١٣٦.
(٣) المعتز بالله محمد بن جعفر بن محمد. "سير أعلام النبلاء" ١٢/ ٥٣٢.
(٤) "تاريخ ابن خلدون" ٤/ ١٢٦.
(٥) "العقد الثمين" ٣/ ٣١٢.
(٦) "جمهرة أنساب العرب"، ص: ٤٦، وتحرَّفت في المخطوطة إلى: الجمهور.