للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خادمُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وآخرُ أصحابِه موتًا، وأحدُ المُكثِرين، وأمُّهُ أمُّ سُلَيْم بنتُ مِلْحَان. شهِدَ ثمانيَ غزواتٍ، ويُروى عنه أنَّه لما قيل له: أشهدتَ بدرًا؟ قال: لا أُمَّ لك، وأينَ غبتُ عنه (١)؟ قال كما في "الصحيح" (٢): قدِمَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة وأنا ابنُ عشرٍ، وكنَّ أمَّهاتي يَحْثُثْنَني على خِدمتِه.

وفي روايةٍ لا تقاوم الأولى: وأنا ابنُ ثمان، فأخذتْ أمِّي بيدي، فانطلقتْ بي إلى رسولِ اللّه - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسولَ اللّه، إنَّه لم يبقَ رجلٌ ولا امرأةٌ من الأنصارِ إلا وقد أتحفكَ بتُحْفَةٍ، وإني لا أقدرُ على ما أُتحفُكَ به إلا ابني هذا، فخذْهُ فلْيخدُمْكَ ما بدا لك، فخدمتُ رسولَ اللّه عشرَ سنين، فما ضربَني، ولا سبَّني سبَّةً، ولا عبسَ في وجهي (٣). ودعا له - صلى الله عليه وسلم - فقالَ (٤): "اللَّهمَّ أكثرْ مالَه وولدَه".

وفي لفظٍ: ما تركَ خيرَ آخر ولا دُنيا إلا دعَا له بهِ، فزادَ ولدُه وولدُ ولدِه على مئةٍ وعشرين (٥)، وكان بستانُه يحملُ في السَّنةِ الفاكهةَ مرَّتين (٦)، وفيها ريحانٌ يجيءُ منه ريحُ المِسك، بل كانَ مِن أكثرِ الأنصارِ مالًا، ومناقبُه كثيرةٌ جِدًّا، انتقلَ إلى البصرةِ، وماتَ


(١) قال الذَّهبيُّ: لم يعدَّه أصحابُ المغازي في البدريين؛ لكونه حضرَها صبيًا ما قاتلَ، بل بقي في رحالِ الجيش، فهذا وجه الجمع. "سير أعلام النبلاء" ٣/ ٣٩٧.
(٢) أخرجه مسلم في كتاب الأشربة، باب: استحباب إدارة الماء واللبن ونحوهما عن يمين المبتدئ ٣/ ١٦٠٣ (١٢٥).
(٣) روى نحوه الترمذي في البر والصلة، باب: ما جاء في خُلق النبي (٢٠١٥)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(٤) أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (٦٥٣) بنحوه.
(٥) أخرجه البخاري في حديث طويل، في الصوم، باب: من زار قوما فلم يفطر عندهم (١٩٨٢).
(٦) "طبقات ابن سعد" ٧/ ١٢.