للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إنما أسلم في سنة تسعٍ قُبيلَ موته (١)، وصلىَّ عليه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - (٢).

ولم يلبث أن رجعَ المهاجرون، حين قيل لهم: إنَّ أهل مكَّة أسلموا، فلم يجدوا لذلك صِحَّةً، فكان بعضُهم في الجِوار، وبعضُهم مخُتفيًا، وبعضُهم لم يدخل مكَّة (٣).

ثمَّ هاجر المسلمون الثانية (٤) إلى الحبشة، وأقاموا عند النَّجاشي على أحسن حال، وهم زيادةٌ على مئةٍ مِن الرِّجال والنِّساء، وفشَا الإسلامُ في القبائل، واجتمع قريشٌ، وائتمروا أن يكتبوا كتابًا يتعاقدون فيه على بني هاشم وبني المطَّلبِ: أن لا يَنْكِحوا إليهم ولا يُنكِحوهم، ولا يبيعوا منهم شيئًا، ولا يبتاعوا منهم. وكتبوه في صحيفةٍ، وعلَّقوها في جوف الكعبة هلال المحرَّمِ سنَةَ سبع، فانحاز الهاشميون -غيرَ أبي لهب- والمُطَّلبيون إلى أبي طالب، ودخلوا معه في شِعْبِه، فأقاموا على ذلك سنين حتى جَهِدوا، وكان لا يصل إليهم شيءٌ إلا سِرًّا، إلى أن أعلمَ اللّه عزَّ وجلَّ رسولَه - صلى الله عليه وسلم -: "أنَّ الأَرَضَةَ أكلت ما كانَ فيها من جَورٍ وَظلمٍ، ولم يبقَ منها إلا ذكرُ اللّه سبحانه" فوجد ذلك كذلك وشَلَّت يد كاتبها، ففرَّج اللّه عنهم، وخرجوا من شِعبهم، وذلك في سنة


(١) قال ابنُ سيِّد الناس: فلمَّا كان شهرُ ربيع الأوَّل وقبل المحرَّم سنة سبع من هجرة رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة كتب - صلى الله عليه وسلم - إلى النجاشي كتابًا يدعوه إلى الإسلام، وبعث به مع عمرو بن أمية الضمري، فلمَّا قرئ عليه الكتاب أسلم، وقال: لو قدرتُ أن آتيه لأتيته.
"عيون الأثر" ١/ ١١٩، ٢، ٣٥٨.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب مناقب الأنصار، باب: موت النجاشي (٣٨٧٨)، ومسلم في كتاب الجنائز، باب في التكبير على الجنازة ٢/ ٦٥٧ (٦٦) كلاهما من حديث جابر - رضي الله عنه -.
(٣) رجوع مهاجري الحبشة ذكره ابن إسحاق في مغازيه بغير سند كما في "سيرة ابن هشام" ٢/ ١٢.
(٤) الأَرَضَةُ: دُويبَّة. "القاموس": أرض.