للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ، وخَطَبَ لِنَفْسِهِ، وتَقَلَّدَ سَيْفًا زَعَمَ أنَّه ذُو الفَقَارِ، وأَمْسَكَ قَضِيباً زَعَمَ

أَنَّهُ قَضِيبُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وكَانَ مَعَهُ جماعةٌ مِنْ بَنِي عَمِّهِ، وبَيْنَ يَدَيْهِ أَلْفُ عبدٍ أَسوَدَ،

فَنزل إلى الرَّمْلَةِ (١)، ونًا ..

دَى بِإِقَامَةِ العَدْلِ، والأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ، والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ،

فَانْزَعَجَ لِذَلِكَ صَاحِبُ مِصْرَ وتَلَطَّفَ بِمَنْ مَعَهُ، وبَذَلَ لَهُمُ الأَمْوَالَ الجَزِيلَةَ، بَلْ كَتَبَ

لابْنِ عَمٍّ لأبِي الفُتُوحِ، فَوَلّاَهُ الحَرَمَينِ بِحَيْثُ خَذَلَهُ مَنْ كَاَن وَافَقَهُ، وقَبَضُوا عَلَيهِ،

وأَسْلَمُوهُ إلى الحَاكِمِ، فَرَاجَعَ الطَّاعَة، وعَفَا عَنْهُ، وذَلِكَ قَرِيبًا مِنْ سَنَةِ أَرْبع مئة.

ويُقَالُ: إنَّ أبَا الفُتُوحِ قَبْلَ ذَلِكَ سَارَ إلى المَدِينَةِ النَّبوِيَّةِ في سَنَةِ تِسْعِينَ بأَمْرِ الحَاكِمِ،

وَأَزَالَ عَنْهَا إِمْرَةَ بَنِي مُهَنَّا، وذَلِكَ في سنةِ تِسْعِينَ وثَلَاثِ مئةٍ، ثُمَّ رَجَعَ إلى مَكَّةَ؛ وَقَدْ

عَظُمَ شَأْنُه، وتَرْجَمَتُهُ طَوِيلَةٌ. مَاتَ فِي سَنَةِ ثَلَاثِينَ وأَرْبَعِ مئةٍ.

ومِنْ أَغْرَبِ مَا اتُّفِقَ لَهُ مِمَّا أَوْرَدَهُ ابنُ النَّجَّارِ (٢) بِسَنَدِهِ: أَنَّ بَعْضَ الزَّنَادِقَةِ أَشَارَ عَلَى

الحَاكِمِ بِنَبْشِ القَبْرِ الشَّرِيفِ، وحَملِهِ وصَاحِبَيْهِ رَضِيَ اللهُ عنهما إلى مِصْرَ؛ لِتكُونَ مَحَطَّ

الرِّحَال، فَنفَّذَ لأَبِي الفُتُوحِ يَأْمُرُهُ بِذَلِكَ، فَسَارَ حَتَّى قَدِمَ المَدِينَةَ، فَحَضَرَ إِلَيهِ جَمَاعَةٌ

مِنْ أَهْلِهَا مِمَّنْ عَلِمَ سَبَبَ قُدُومِهِ، ومَعَهُمْ قَارِئٌ يُعْرَفُ بِالرَّكْبَانِيِّ، فَقَرَأَ بَيْنَ يَدَيْهِ- (٣):

{وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ} إلى قَوْلِهِ: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ}، فَمَاجَ

النَّاسُ، وكَادُوا أَنْ يَقْتُلُوا أبَا الفُتُوحِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الجُنْدِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ لهمْ: اللهُ


(١) الرملة مدينة في فلسطين.
(٢) محمَّدُ بنُ محمودٍ، المؤرِّخُ، المحدِّث، له "تاريخ المدينة"، و "ذيل على تاريخ بغداد"، توفي سنة
٦٤٣ هـ. "سير أعلام النبلاء" ٢٣/ ١٦٣.
(٣) سورة التوبة، آية: ١٢ - ١٤.