للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويقالُ: مولى جميلِ بنِ قُطبةَ (١). إمامُ أهلِ البصرةِ، بلْ إمامُ العَصْرِ، وأحدُ أجِلّاَءِ التَّابِعِينَ. وُلِدَ في سنةِ إحدَى وعِشرينَ منَ الِهجرةِ بالمدينةِ في خِلَافَةِ عمرَ بنِ الخطابِ - رضي الله عنه -، وكانتْ أمُّهُ خَيرةُ مولاةً لأمِّ سلمةَ، فَكَانَت تَذهبُ في حَاجَتِهَا، فتُشاغله في غَيبة أمِّهِ بثَديها، فربَّمَا درَّ عليهِ، فيروْنَ أنَّ تِلْكَ الحِكمةَ والفَصَاحَةَ مِنْ بركةِ ذلكَ، ثمَّ نشأَ بوادِي القُرى (٢)، وقد سمعَ من عُثمانَ وهو يخطبُ، وشهدَ يومَ الدَّارِ وهو ابنُ أربعَ عشرةَ سنةً، واحتلمَ سنةَ سبعٍ وثلاثينَ، وخرجَ مِنَ المدينةِ أيامَ صِفِّين. وأدركَ بعدَها، و عنهُ: احتلمتُ سنتها، ورأى طلحةَ وعليًّا، ورَوَى عَنْ خلقٍ كثيرين مِنَ الصَّحَابَةِ، ورأَى مئة وعشرينَ مِنْهُم، وما شافَهَ بدريًّا قطُّ إلا عثمانَ بنَ عَفَّان، وكذا رَوَى عَنْ: جماعةٍ من كبارِ التابعينَ، كحِطَّانَ الرَّقاشي، وقرأَ عليهِ القُرآن، وصارَ كاتباً في إمرةِ معاويةَ للربيع بن زياد متولي خراسانَ، وروَى عنهُ: أممٌ لا يحصوْنَ، وكانَ يرسِلُ بَلْ يُدلِّسُ، ومراسيلُه ليست بحجَّةٍ (٣)، ويحدِّث بالمعاني، ومناقبُهُ كثيرةٌ، ومحاسنُه غزيرةٌ، وهو رأسٌ في العلمِ والحديثِ، والقرآنِ وتفسيرِهِ، والوعظِ والتَّذكيرِ، والحلمِ والعبادةِ، والزهدِ والصِّدقِ، والفصاحةِ والبلاغةِ، والشَّجاعةِ، إمامٌ مجتهدٌ، كثيرُ الاطلاع، ثِقةٌ حُجَّةٌ، وسيمٌ. ولي قضاءَ البصرةِ.

قال أبو بُردةَ (٤): ما رأيتُ أحداً أشبهَ بالصَّحابةِ مِنهُ، واقتصرَ غَيرهُ عَلَى


(١) "تهذيب الكمال" ٦/ ٩٥ (١٢١٦).
(٢) وادي القرى: يعرف اليوم بوادي العلا، مدينة عامرة شمال المدينة على قرابة ٣٥٠ كيلا. "معجم المعالم الجغرافية" ص ٢٥٠.
(٣) "جامع التحصيل، ص ١٦٢ (١٣٥)، و "تعريف أهل التقديس"، ص ٥٦ (٤٠).
(٤) أبو بردة، عامر بن أبي موسى الأشعري، ثقة. "التاريخ الكبير" ٦/ ٤٤٧.