للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومناقبُه وأخبارُه وقتله يحتملُ مجلدًا فأكثرَ، وكانَ فاضلًا، كثيرَ الصَّلاة والصَّوم، والحجِّ، حجَّ خمسًا وعشرين حجَّةً ماشيا، مُكثرًا من الصَّدقة (١)، ومِن جميعِ أفعالِ الخير، أبيَّ النَّفسِ، لم يبايعْ ليزيدَ بنِ معاويةَ لما طُلبَ منه البيعةُ له في حياةِ أبيه، ولا بعدَ موتِه، وفرَّ لمكَّةَ، وجاءتْه كتبُ أهلِ الكوفةِ يحثُّونه على المسيرِ إليهم، فبعثَ إليهم مُسلمَ بن عقيلٍ؛ ليختبرَ له الأمرَ، فبايعَه منهم اثنا عشر ألفًا، ثمَّ تخلَّوا عنه عندما وَلِيَ عبيدُ اللهِ بنُ زيادٍ الكوفةَ ليزيدَ، وقتلَ مسلمَ بنَ عقيلٍ، وجهَّزَ ألفي فارسٍ معَ عمرَ بنِ سعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ لقتالِ الحسينِ، وكانَ الحسينُ قد خرجَ مِن مكَّةَ في العشرِ الأوَّلِ مِن ذي الحجَّةِ سنةَ ستين، ومعَهُ أهلُ بيتِه وستون شيخًا مِن أهلِ الكوفةِ، بعدَ نَهيِ أقاربِه وغيرِهم عن ذلك، فأبى، وقال: إني رأيتُ رؤيا أمرَني فيها النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بأمرٍ، وأنا ماضٍ له، فكانَ له ما كان.

وكانَ قتلُه رضي الله عنه بكربلاء، وهو عطشانُ يومَ عاشوراء يومَ السَّبتِ سنةَ إحدى وستين، وهو ابنُ ثمانٍ أو ستٍّ وخمسين، والقاتلُ له يومئذٍ هو عبيدُ الله بنُ زيادٍ، أو سِنانُ بنُ أبي أنسٍ النَّخعيُّ، لعنةُ الله عليهما … (٢)، ودُفِنتْ جُثَّته الشَّريفةُ بكربلاءَ، فكانَ كَرْبٌ وبلاءٌ، وأمَّا رأسُه فاختُلِفَ في محلِّه: فقيل: إنَّ يزيدَ أرسلَ به إلى المدينةِ، فغُسِّلَ، وكُفِّنَ ودُفِنَ بالبقيعِ، عندَ قَبرِ أمِّهِ فاطمةَ، وقيل: إنَّه حُملَ إلى الشَّامِ، فدُفِنَ على رأسِ عمودٍ في مسجدِ جامعِ دمشق في عينِ القِبلةِ. قال ابنُ حِبَّان (٣): وقد رأيتُ ذلكَ


(١) على هامش المخطوطة عدة مطالب مأخوذة من الترجمة، تُنبِّه على بعض الأمور المذكورة.
(٢) ملحق هنا في الحاشية كلمتان لم تتضحا.
(٣) "الثقات" ٣/ ٦٩.