للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الزُّبير بنُ بكَّار (١): أدركتُ أصحابَنا يذكرون أنَّه كانَ يعلمُ علمًا كثيرًا لا يعرفون وجهَه ولا مذهبَه فيه، يُشبه ما يدَّعي النَّاسُ مِن علومِ النُّجومِ.

قالَ مصعبُ بنُ عبدِ الله: حُدِّثتُ عن يعلى بنِ عقبةَ، قال: كنتُ أمشي معَ خُبيبٍ، وهو يحدِّثُ نفسَه، إذ وقفَ، ثمَّ قالَ: سألَ قليلًا فأُعطي كثيرًا، وسألَ كثيرًا فأُعطيَ قليلًا، فطعنَه فأذراه (٢) فقتلَه، ثمَّ أقبلَ عليَّ، فقال: قُتل عَمروُ بنُ سعيدٍ السَّاعةَ، ثمَّ ذهبَ، فوُجدَ عمروٌ قُتلَ يومئذٍ (٣)، ويذكرون لخُبيبٍ أشباهًا لهذا، ماتَ قبلَ أن يُستخلفَ عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ سنةَ ثلاثٍ، أو اثثتين وتسعين، وكانَ عمرُ هو أميرَ المدينة، فيما قالَ ابنُ جرير الطبري (٤)، ضربَه بأمرِ الوليدِ الخليفةِ خمسينَ سوطًا، وصبَّ على رأسِه قِربةَ ماءٍ في يومٍ باردٍ، وأوقفَه على بابِ المسجدِ يومًا، فماتَ رحمه الله، وندمَ عمرُ، وسُقِطَ في يدِه، واستعفَى مِن المدينة، وكانوا إذا ذكروا له أفعالَه الحسنةَ وبشَّروه، يقول: فكيفَ بخُبيبٍ؟ وقيل: إنَّه أعطى أهلَه دِيتَه، قسمَها فيهم. وقالَ مصعبٌ الزُّبيريُّ: أخبرني مصعبُ بنُ عثمانَ أنَّهم نقلوا خُبيبًا إلى دارِ عمرَ بنِ مصعبِ بنِ الزُّبيرِ، فاجتمعوا عندَه حتَّى ماتَ. قال: فبينا هم جلوسٌ إذا جاءهم الماجشون (٥) يستأذنُ


(١) "جمهرة نسب قريش وأخبارها"، ص: ٣٦.
(٢) يقال: ذرتِ الرِّيحُ الشَّيءَ ذَرْوًا، وأَذْرَتْهُ، وذَرَّتْهُ: أطارَتْه، وأذهبته. "القاموس المحيط": ذرى.
(٣) "تهذيب التهذيب" ١/ ٥٥٥.
(٤) "تاريخ الطبري" ٥/ ٣٤٤، و ٦/ ٤٨٢، وانظر: "البداية والنهاية" ٩/ ٨٧.
(٥) عبدُ العزيزِ بنُ عبد الله بن أبي سلمة، مفتي المدينة، عالم بالحديث، والماجشون فارسيٌّ، وإنما سُمِّي به؛ لأنَّ وجنتيه كانتا حمراوين، كان ثقة، توفي سنة ١٦٤ هـ. "الطبقات الكبرى" ٧/ ٣٢٣، و"الجرح والتعديل" ٥/ ٣٨٦، و "سير أعلام النبلاء" ٧/ ٣٠٩.