للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الدِّلاصي (١) بمَكَّةَ، وأبي عبدِ الله القصري، وصحب الشريفَ أبا عبدِ الله الفاسيَّ بمَكَّةَ مدَّةً طويلةً، وربَّاه وسلَّكه، وأخذَ عنه طريقَ القوم، وأبا محمَّد البَسكريَّ، وتلقَّنَ منه، وأخذ عنه، و [صحبِ الشيخ (٢)] خليفة (٣) وآخرين، وحدَّثَ بالكثيرِ، سمعَ منه والدُ التِّقي (٤)، ودرَّسَ وأفتى، معَ الفَضيلةِ والشُّهرةِ الجميلةِ، وكونِه وافرَ الصَّلاحِ، ظاهرَ البرَكَة، شديدَ الوَرعِ والاتِّباع، له مِن الجَلالةِ عندَ الخاصِّ والعامِّ ما لا يُوصف، خصوصًا المغاربةَ والتَّكاررةَ والسُّودان، فإنَّهم كانوا يرونَ الاجتماعَ به مِن كمالِ حجِّهم، وكانوا يحملونَ إليه الفتوحاتِ الجزيلة، فيفرِّقُها على أحسنِ الوجوه، بل كانَ يستدينُ ويُحسنُ إلى الخلقِ، بحيثُ انفردَ في بلادِ الحجازِ بذلك، ويقضي اللهُ دَينَه، وكانَ مُبتلىً بالوَسواسِ في الطَّهار والصَّلاةِ، بحيثُ يُعيدُ الصَّلاةَ بعدَ صلاتِه بالنَّاسِ، وربما أذَّنَ العصرُ ولم ينتهِ من الإعادةِ، حتَّى إنَّه يبكي في بعضِ الأحيان، ولمَّا ماتَ أوصى بكفَّاراتٍ كثير خوفًا مِن حِنْثِه فيما صدرَ منه مِن الأيمان، فنُفِّذتْ، ودُفِنَ بالمَعلاةِ على جدِّه الإمامِ ضياءِ الدِّينِ المالكيِّ، ومولدُه في شوَّالٍ سنةَ ثمانٍ وثمانين وستِّ مئةٍ، واستقلَّ بإمامةِ المالكيةِ مِن سنةِ ثلاثَ عشرةَ وسبعِ مئةٍ حين موتِ أبيه، إلى أنْ ماتَ، فكانت سبعًا وأربعين سَنةً.


(١) عبدُ الله بنُ عبدِ الحقِّ، الدِّلاصيُّ، المخزوميُّ، شيخُ الإقراءِ بالحرَم المكيِّ الشَّريف، كان مالكيًا، ثم شافعيًا، مولده سنة ٦٣٠، ووفاته سنة ٧٢١ هـ. "معرفة القراء الكبار" ٢/ ٧١٨، و "غاية النهاية" ١/ ٤٢٧، و "الدرر الكامنة" ٢/ ٢٦٥.
(٢) ما بين المعكوفتين ساقط من الأصل.
(٣) خليفةُ بنُ محمودٍ الكيلانيُّ، يلقب نجمُ الدِّين، إمامُ الحنابلة بالحرم المكيِّ الشريف، هو الذي تولى إجراء عين بازان في مَكَّةَ، وهو من أهل القرن الثامن الهجري. "العقد الثمين" ٤/ ٣٢٠.
(٤) والدُ التقيِّ الفاسيِّ، واسمُه: أحمدُ بنُ عليٍّ، المكيُّ، المالكيُّ، مولده سنة ٧٥٤، ووفاته سنة ٨١٠ هـ بمَكَّةَ. "العقد الثمين" ٣/ ١٠٩، و "در العقود الفريدة" ١/ ٣١٥، و "الضوء اللامع" ٣/ ٣٥.