للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واللَّه سبحانه جعل الحدود عقوبة لأرباب الجرائم، ورفع العقوبة عن التائب شرعًا وقدرًا؛ فليس في [شرع اللَّه] (١) ولا في قَدَرِه عقوبةُ تائب ألبتَّة، وفي "الصحيحين" من حديث أنس قال: "كنت مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فجاء رجلٌ فقال: يا رسولَ اللَّه، إني أصبتُ حدًا فأقمه عليَّ. [قال] (٢): ولم يسأله عنه، فحضرت الصلاة فصلَّى مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلما قضى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الصلاةَ قام إليه الرجل فأعاد قوله، قال: أليس قد صَليتَ مَعَنَا؟ قال: نعم (٣)، قال: "فإن اللَّه عز وجل قد غَفَرَ [لَكَ] (٢) ذَنْبَكَ" (٤) فهذا لما جاء تائبًا بنفسه من غير أن يُطلب غفر اللَّه له، ولم يُقم عليه الحد الذي اعترفَ به، وهو أحد القولين في المسألة، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وهو الصواب (٥).


= "الرسالة" (ص ٤٥). قال شيخنا الألباني في "السلسلة الضعيفة" (٢/ ٨٢): هذا إسناد مظلم، من دون أنس لم أجد لأحد مهم ذكرًا في شيء من كتب التراجم.
رابعًا: حديث أبي عتبة الخولاني: رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ١٥٤).
وفيه عثمان بن عبد اللَّه الشامي، قال فيه ابن عدي: يروي الموضوعات عن الثقات.
خامسًا: حديث عائشة، أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (١/ ٢٣٢) والبيهقي في "الشعب" (رقم ٧٠٤٠) -وقال: "تفرد به هذا النهرواني (أحمد بن عبد اللَّه) -وهو مجهول"- ضمن سياق طويل، وإسناده واه جدًا، فيه مجاهيل وعلي بن زيد بن جدعان.
أقول: الحديث حَسَّنه بشواهده، ابن حجر؛ كما قال السخاوي في "المقاصد الحسنة"، وكذا شيخنا الألباني كما في "السلسلة الضعيفة". وإن كان في النفس من هذا شيء؛ فإن شواهد الحديث كلها واهية، والأوّل معلول، فلا يطمئن القلب لتحسينه، ويظهر أن هذا هو رأي البيهقي في "سننه"، وكانه أيضًا ما يميل إليه البوصيري في "مصباح الزجاجة" (٢/ ٣٤٧) حيث يقول: وروي من أوجه ضعيفة بهذا اللفظ. واللَّه أعلم.
وأصح ما ورد عن الشعبي قوله، أخرجه وكيع في "الزهد" (٢٧٨)، وابن أبي الدنيا في "التوبة" (رقم ١٨٣) وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (رقم ١٧٥٦)، وابن أبي حاتم في "التفسير" (٢/ ٤٠٣ رقم ٢١٢٣)، وأبو نعيم في "الحلية" (٤/ ٣١٨)، والبيهقي في "الشعب" (٧١٩٦)، وعبد بن حميد -كما في "الدر المنثور" (١/ ٢٦١) -، وإسناده صحيح.
(١) في (ك) و (ق): "شرعه".
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ك) و (ق).
(٣) "المشهور: أن يقول: بلى، ليثبت أنه صلى، أما نعم، فتنفي أنه صلى، وهو غير الواقع" (و).
(٤) رواه البخاري (٦٨٢٣) في (الحدود): باب إذا أقر بالحد ولم يبين، ومسلم في (التوبة) (٢٧٦٤) باب قوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}.
(٥) انظر: "مدارج السالكين" (١/ ١٧٨ - ٤٣٤، ٣/ ٤٣٥)، و"طريق الهجرتين" (٤١٧ - ٤٥١)،=

<<  <  ج: ص:  >  >>