للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالحديث؛ فإن عندهم لا أثر للسفر ولا للغزو في ذلك.

واحتجوا في إيجاب الأضحية بحديث أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أمر بالأضحية، وأن يُطْعَم منها الجار والسائل" (١) فقالوا: لا يجب أن يطعم منها جار ولا سائل.

واحتجوا في إباحة ما ذبحه غاصب أو سارق بالخبر الذي فيه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "دُعِيَ إلى طعام (٢) مع رَهْط من أصحابه، فلما أخذ لقمة قال: إني أجد لحم شاة أخذت بغير حق" فقالت المرأة: يا رسول اللَّه، إني أخذتها من امرأة فلان بغير علم زوجها، فأمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن تطعم الأسارى (٣). وقد خالفوا هذا الحديث فقالوا: ذبيحة الغاصب حلال، ولا تحرم على المسلمين.


= السارق باب القطع في السفر، وأحمد في "مسنده" (٤/ ١٨١) والدارمي في "سننه" (٢/ ٢٣١)، والطبراني في "الكبير" رقم (١١٩٥)، وابن عدي في "الكامل" (٢/ ٤٣٩)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (٨٦٠)، والبيهقي في "سننه الكبرى" (٩/ ١٠٤) من طريق عياش بن عباس عن شييم بن بيتان ويزيد بن صبيح الأصبحي عن جنادة قال: سمعت بسر بن أبي أرطاة. . . فقال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وفي بعضها: لا تقطع الأيدي في السفر، وأخرى في الغزو، أقول: وهذا إسناد قوي كما قال الحافظ في الإصابة، على خلاف في صحبة بُسْر هذا.
أما ابن معين فكان لا يرى ذلك ولذلك قال فيه: رجل سوء وذلك لما اشتهر منه في قتال أهل الحرة كما قال البيهقي وبعضهم قال: أدركه صغيرًا، وممن أثبت صحبته الدارقطني وابن يونس.
أقول: وترجمه أيضًا البخاري في "التاريخ الكبير" (٢/ ١٢٣) وذكر له حديثًا آخر فيه سماعه من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ورواه أيضًا ابن حبان في "صحيحه" وذكر له ابن عدي هذين الحديثين ثم قال: ولا أرى بإسناد هذين بأسًا.
أقول: في كلا الحديثين سماع بُسْر من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وهذه طريقة من طرق إثبات الصحبة كما هو في كتب الصحابة.
(١) عزاه في "الدر المنثور" (٤/ ٣٦٢) لابن أبي شيبة عن معاذ، وزاد: "والمتعفف".
(٢) في المطبوع: "الطعام".
(٣) رواه أبو داود (٣٣٣٢): في البيوع: باب في اجتناب الشبهات، وأحمد (٥/ ٩٢ - ٩٣)، والدارقطني (٤/ ٢٨٥ - ٢٨٦)، والبيهقي في "سننه الكبرى" (٥/ ٣٣٥ و ٦/ ٩٧)، وفي "دلائل النبوة" (٦/ ٣١٠) من طريق عاصم بن كليب عن أبيه عن رجل من الأنصار وفيه قصة وطول، قال الزيلعي (٤/ ١٦٨): إسناده صحيح وصححه ابن حجر في "التلخيص الحبير" (٢/ ١٢٧)، وشيخنا الألباني في "إرواء الغليل" (٣/ ١٩٦)، و"السلسلة الصحيحة" (٧٥٤). وله شاهد من حديث أبي موسى رواه الطبراني في معجميه "الكبير والأوسط" -كما في نصب الراية-.

<<  <  ج: ص:  >  >>