للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتجوا بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "جَرْحُ العَجْمَاء جُبَار" (١) في إسقاط الضمان بجناية المواشي، ثم خالفوه فيما دل عليه وأريد به، فقالوا: مَنْ ركب دابة أو قادها أو ساقها فهو ضامن لمن (٢) عَضَّتْ بفمها, ولا ضمان عليه فيما أتلفت برجلها.

واحتجوا على تأخير القَوَد إلى حين البرء بالحديث المشهور: "أن رجلًا طعن آخر في ركبته بقَرْنِ، فطلب القَوَد، فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى يبرأ، فأبى، فأقاده قبل أن يبرأ" الحديث (٣)، وخالفوه في القصاص من الطعنة فقالوا: لا يقتص منها.

واحتجوا على إسقاط الحدِّ عن الزاني بأمة ابنه أو أم ولده بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنت ومالُكَ لأبيك" (٤) وخالفوه فيما دل عليه فقالوا: ليس للأب من مال ابنه شيء ألبتة، ولم يبيحوا له من مال ابنه عُودَ أراكٍ فما فوقه، وأوجبوا حبسه في دَيْنه وضمان ما أتلفه عليه.


(١) رواه البخاري (١٤٩٩) في الزكاة: باب في الركاز الخمس، و (٢٣٥٥) في الشرب: من حفر بئرًا في ملكه لم يضمن، و (٦٩١٢) في الديات: باب المعدن جبار، و (٦٩١٣) باب العجماء جبار، ومسلم (١٧١٠) في الحدود: باب جرح العجماء، من حديث هريرة وفيه زيادة.
و"العجماء: الدابة، والجبار: الهدر" (و).
(٢) في (ك) و (ق): "لما".
(٣) رواه أحمد ٢/ ٢١٦ من طريق محمد بن إسحاق وذكر عمرو بن شعيب عن أبيه عن به قال الهيثمي (٦/ ٢٩٥ - ٢٩٦): ورجاله ثقات.
أقول: ظاهر الإسناد منقطع، ومحمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن كما ذكر ابن عبد الهادي في "التنقيح" لكنه توبع، تابعه ابن جريج، أخرجه الدارقطني (٣/ ٨٨) , والبيهقي (٨/ ٦٧)، والحازمي في "الاعتبار" (ص ١٩٤) من طريق محمد بن حمران ابن جريج عن عمرو بن شعيب به.
ومحمد بن حمران: صدوق فيه لين.
وأخرجوه من طريق مسلم بن خالد أيضًا عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب به. ومسلم هذا ضعيف قال الحازمي: فإن صح سماع ابن جريج من عمرو بن شعيب فهو حديث حسن يقوى الاحتجاج به.
أقول: ابن جريج لم يصرّح بالسماع في كل طرقه: وله شاهد من حديث جابر رواه الدارقطني (٣/ ٨٩) والبيهقي (٨/ ٦٦) وقد أعل بالإرسال.
وشاهد آخر عن ابن عباس.
قال ابن التركماني: فهذا أمر قد روي من طرق عدة يشد بعضها بعضًا.
(٤) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>