للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُبادة بن الصامت: "الثَّيب بالثيب جَلْدُ مئة والرَّجمُ" (١) وكذلك لما رَجمَ ماعزًا ولم يجلده (٢)، كذلك يجب أن يكون قوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: ٢] ناسخًا لحكم التغريبِ في قوله: "البِكرُ بالبكرِ جلُد مئة وتغريبُ عام" (٣).

والمقصود أن هذه الزيادة لو كانت ثابتة مع النص لذكرها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عقيب التلاوة، ولنقلها إلينا من نقل المزيدَ عليه؛ إذ غيرُ جائزٍ عليهم أن يعلموا أن الحدَّ مجموعُ الأمرين وينقلوا (٤) بعضه دون بعض، وقد سمعوا الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يذكر الأمرين، فامتنع حينئذٍ العملُ بالزيادة إلا من الجهة التي ورد منها الأصل، فإذا وردت من جهة الآحاد فإن كانت قبل النصّ فقد نَسَخها النص المطلق عاريًا من ذكرها، وإن كانت بعده فهذا يُوجب نسخ الآية بخبر الواحد وهو ممتنع، فإن كان المزيدُ عليه ثابتًا بخبر الواحد جاز إلحاقُ الزيادة بخبر الواحد على الوجه الذي يجوز نسخه به، فإن كانت واردة مع النص في خطاب واحد لم تكن نسخًا وكانت بيانًا.

فالجواب من وجوه:

أحدها: إنكم أول من نقض هذا الأصل الذي أصَّلتموه فإنكم قبلتم خبر الوضوء بنبيذ التمر (٥) وهو زائد على ما في كتاب اللَّه مغيّر لحكمه؛ فإن اللَّه سبحانه جعلَ حُكمَ عادم الماء التَّيممَ، والخبرُ يقتضي أن يكون حكمه الوضوء بالنبيذ؛ فهذه الزيادة بهذا الخبر الذي لا يثبت رافعة لحكمٍ شرعي غير مقارنة ولا مقاومة له بوجه (٦)، وقبلتم خبرَ الأَمَر بالوتر (٧) مع رفعه لحكم شرعي، وهو اعتقاد


= هناك فهي كثيرة- ومسلم (١٦٩٧) في (الحدود): باب من اعترف على نفسه بالزنا، من حديث أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني.
(١) رواه مسلم في "صحيحه" (١٦٩٠) في (الحدود): باب حد الزنى.
(٢) رواه مسلم (١٦٩٥) في (الحدود): باب من اعترف على نفسه بالزنا، من حديث بُريدة -رضي اللَّه عنه-.
(٣) هو جزء من حديث عبادة السابق، وانظر: "زاد المعاد" (٣/ ٢٠٧).
(٤) في (ق) و (ك): "وينقلون".
(٥) خرجته مفصلًا في كتاب "الخلافيات" (١/ ١٥٧ - ١٧٩) (رقم ١٩)، وينظر "نصب الراية" (١/ ١٣٧ - ١٤٨).
(٦) في (د): "مقارنة له ولا مقاومة بوجه".
(٧) يشير إلى قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه زادكم صلاةً إلى صلاتكم". وورد من حديث جمع من الصحابة وهو حديث صحيح، انظره مفصلًا في "نصب الراية" (٢/ ١٠٩)، و"التلخيص الحبير" (٢/ ١٦) و"إرواء الغليل" (٢/ ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>