للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الخامس والثلاثون: إنكم رددتم السنة الثابتة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الصوم عن المَيْت (١) والحجِّ عنه (٢)، وقلتم: هو زائد على قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (٣٩)} [النجم: ٣٩] ثم جَوَّزتم أن تُعمل أعمال الحج كلها عن المُغمى عليه، ولم تروه زائدًا على قوله: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: ٣٩]، وأخذتم بالسنة الصحيحة وأصبتم في حَمْل العاقلة الدية عن القاتل خطأ (٣) ولم تقولوا هو زائد على قوله: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (٤) [الأنعام: ١٦٤] {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا} [الأنعام: ١٦٤] واعتذاركُم بأنَّ الإجماع ألجأكم إلى ذلك لا يفيد؛ لأن عثمان البتّي -وهو من فقهاء التابعين- يَرى أن الدية على القاتل (٥)، وليس على العاقلة منها شيء، ثم هذا حجة عليكم أن تُجمع الأمة على الأخذ بالخبر وإن كان زائدًا على القرآن.


(١) ورد من حديث عائشة، رواه البخاري (١٩٥٢) في (الصوم): باب من مات وعليه صوم، ومسلم (١١٤٧) في (الصيام): باب قضاء الصيام عن الميت.
ومن حديث ابن عباس، رواه البخاري (١٩٥٣)، ومسلم (١١٤٨).
وقرر المصنف أن الصحيح أنه يجزئ عنه صيام النذر دون صيام الفرض، وبَيّن سر الفرق في "تهذيب السنن" (٣/ ٢٧٨ - ٢٨٢)، وانظر كتاب "الروح" (ص ١٢٠)، و"الموافقات" (٣/ ١٩٨، ٢٧٦ - بتحقيقي).
(٢) ورد من حديث ابن عباس، رواه البخاري (١٨٥٢) في (جزاء الصيد): باب الحج والنذور عن الميت، و (٦٦٩٩) في (الأيمان والنذور): باب من مات وعليه نذر، و (٧٣١٥) في (الاعتصام): باب من شبه أصلًا معلومًا بأصل مبين.
وله ألفاظ أخرى عن ابن عباس فيها جواز الحج مطلقًا دون النذر بالحج، رواه النسائي (٥/ ١١٦) في (مناسك الحج): باب الحج عن الميت الذي لم يحج، و (٥/ ١١٨) باب تشبيه قضاء الحج بقضاء الدين، وابن الجارود (٤٩٨)، وابن خزيمة (٣٠٣٥)، والدارقطني (٢/ ٢٦٠).
وله في "سنن ابن ماجه" (٢٩٠٤) لفظ آخر من حديث ابن عباس أيضًا.
وروى مسلم (١١٤٩) في (الصيام): من حديث بُريدة قال: بينا أنا جالس عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أتته امرأة. . . قالت؟ إني تصدقت على أمي بجارية وإنها ماتت. . . ثم قالت: إنها لم تحج قط، أفأحج عنها؟ قال: حُجّي عنها، وانظر: "بدائع الفوائد" (٤/ ١٢١).
(٣) مضى تخريجه.
(٤) في "الأنعام: ١٦٤، والإسراء: ١٥، وفاطر: ١٨، والزمر: ٧، أما في النجم: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (٣٨)} " (و).
(٥) ذكر الجصاص في "مختصر اختلاف العلماء" (٥/ ١١٤) أن مذهبه كمذهب الشافعي: تحمل العاقلة قليل وكثير من قتل، وانظر: "الإشراف" (٤/ ١٤٤ - بتحقيقي) للقاضي عبد الوهاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>