للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقولكم: "إنها زائدة (١) على ما في القرآن، ثم أخذتم بقياسٍ من أفسد القياس"، إنه لو ضربه بأعظم دَبّوس يوجد حتى يَنْثَر دماغه على الأرض فلا قَوَد عليه، ولم تَرَوْا دْلك مخالفًا لظاهر القرآن، واللَّه تعالى يقول: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥]، ويقول: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤].

الوجه الثاني والأربعون: إنكم رددتم السنة الثابتة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله: "لا يقتل مسلم بكافر" (٢)، وقوله: "المؤمنون (٣) تتكافأ دماؤُهم" (٤)، وقلتم: هذا


= من قتل له قتيل فهو بخير النظرين، ومسلم (١٣٥٥) في (الحج) باب تحريم مكة وصيدها، وأبو داود (٤٥٠٥) في (الديات)، والترمذي (١٤٠٥) في (الديات): باب ما جاء في حكم ولي القتيل في القصاص والعفو، والنسائي (٨/ ٣٨) في (القسامة): باب هل يؤخذ من قاتل العمد الدية إذا عفا ولي المقتول عن القود، وابن ماجه (٢٦٢٤) في (الديات): باب من قتل له قتيل فهو بالخيار، والحديث طويل في تحريم مكة، وفيه: "ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين"، وقد اختلفت الروايات في تعيين الأمرين، ففي الكتب الخمسة، التخيير بين الدية والقصاص، وعند الترمذي: إما العفو أو القتل. قال ابن حجر في "الفتح": (١٢/ ٢٠٧): وعند الترمذي: فإما أن يعفو وإما أن يقتل، والمراد العفو على الدية جمعًا بين الروايتين.
قلت: وفي حديث أبي شريح الذي رواه أبو داود (٤٤٩٦) في أول الديات، وابن ماجه (٢٦٢٣) من طريق ابن إسحاق عن الحارث بن فضيل عن سفيان بن أبي العوجاء عنه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من أصيب بقتل أو خبْل فإنه يختار إحدى ثلاث: إما أن يقتص، وإما أن يعفو، وإما أن يأخذ الدية".
أقول: وابن إسحاق مدلس، وسفيان ضعيف، وله طريق آخر رواه أبو داود (٤٥٠٤)، والترمذي (١٤٠٦) من طريق يحيى بن سعيد، حدثنا ابن أبي ذئب، قال: حدثني سعيد بن أبي سعيد قال: سمعت أبا شريح الكعبي يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فمن قتل له قتيل فأهله بين خيرتين: أن يأخذوا العقل أو يقتلوا" قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وفي الباب أيضًا عن عمرو بن شعيب عن أبيه جَدِّه، وإسناده جَيِّد؛ انظره في "رسالة عمرو بن شعيب عن أبيه جده" (٤٢)، وهو في التخيير بين القود والدية.
فرجع الأمر إذن إلى التخيير بين الدية والقتل، وانظر: "نصب الراية" (٣/ ٣٥١).
(١) في (ق): "زيادة".
(٢) قوله: لا يقتل مسلم بكافر: رواه البخاري (٦٩١٥) في (الديات): باب لا يقتل المسلم بكافر، من حديث علي.
(٣) أشار في هامش (ق): إلى أنه في نسخة: "المسلمون".
(٤) رواه أبو داود (٣٧٥١) في (الجهاد): باب في السرية ترد على أهل العسكر، و (٤٥٣١) في (الديات): باب أيقاد المسلم بالكافر؟، وأحمد في "مسنده" (٢/ ٢١١ و ٢١٥)، وابن الجارود في "المنتقى" (١٠٧٣)، والخطابي في "غريب الحديث" (١/ ٥٥٣) من طرق عن =

<<  <  ج: ص:  >  >>