للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اقتدى بهما (أي: الكتاب والسنة)، وحَكَّمَهُما، وتحاكم إليهما، وعرض أقوال العلماء عليهما، فما وافقهما قبله، وما خالفهما ردّه؟ فهب أنكم لم تصلوا إلى هذا العنقود، فلم تنكرون على من وصل إليه، وذاق حلاوته(١).

ثامنًا: ومما له صلة بكتابنا أن ابن القيم أخذ الفقه عن كثير من المشايخ (٢) غير ابن تيمية، ومن بين من أخذ عنهم: أخو الشيخ أحمد: أبو محمد شرف الدين (٣)، وذكر في كتابنا هذا اختيارًا له، انظر (٤/ ٥٣٩).

ومما ينبغي ذكره: أن مترجمي المصنف (٤) ذكروا كتبًا قرأها على شيخه ابن تيمية، مثل: قطعة من "المحرر"، وقطعة من "المحصول" ومن كتاب "الأحكام" للآمدي، وقطعة من "الأربعين" و"المحصل" للصفي الهندي، وأنه قرأ عليه كثيرًا من تصانيفه، وقد سبق بيان بعضها، وأن ابن تيمية ألف بعضها إجابة على سؤال وجهه إليه تلميذه ابن القيم.

والخلاصة: أن ابن القيّم أسهب وأصّل وقعّد ما كان يفتي به شيخه ابن تيمية، وأنه في تصانيفه "يدندن حول مفردات ابن تيمية وينصرها، ويحتج لها" (٥)، وأنه "من ألمع تلاميذ ابن تيمية، ويعتبر تفكيره امتدادًا للحركة الإصلاحيّة الواسعة التي أقام صرحَها شيخُه، فقد كان الوارث لذلك التراث العلمي الضخم، الذي خلفه ابن تيمية، فعمل على تنظيمه وتبويبه ونشره. ونصب نفسه مدافعًا عن آرائه في حماس لا مزيد عليه، وإن كان يخالفه أحيانًا في بعض الفتاوى" (٦) وأنه "اتخذه مثلًا أعلى، ولازمه مدةً طويلة، وأخذ عنه علمًا جمًّا، واقتبس منه اتجاهه الحر في البحث، واتّبع مذهبه، ونهج نهجه في مقاومة الطوائف الزائغة عن عقيدة السلف، وقد جَرَّتْ له هذه الصحبة، وهذا الاتحاد في المنهج أتعابًا ومحنًا، أصابه منها ما أصاب شيخه من أذى واعتقال" (٧) وأنه على كثرة مشايخه لم "يتأثر


(١) "إعلام الموقعين" (٣/ ٣٤).
(٢) سبق ذكر بعضهم، انظر (ص ٧٥).
(٣) نص على ذلك جمع، منهم: الصلاح الصفدي في "أعيان العصر" (٤/ ٣٦٦) قال: "وأما الفقه، فأخذه عن جماعة منهم:. . . ومنهم: الشيخ تقي الدين ابن تيمية، وأخوه الشيخ شرف الدين".
(٤) انظر -مثلًا-: "أعيان العصر" (٤/ ٣٦٦ - ٣٦٧)، و"الوافي بالوفيات" (٢/ ١٩٥ - ١٩٦).
(٥) "الدرر الكامنة" (٣/ ٤٠٢) و"البدر الطالع" (٢/ ١٤٤)، و"أبجد العلوم" (٣/ ١٤٠).
(٦) "الاجتهاد والتجديد في التشريع الإسلامي" (٢٩١).
(٧) "الاجتهاد والتجديد في التشريع الإسلامي" (٢٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>