للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يملك المكلف إيقاع مَرَّاته كلها جملة واحدة كاللِّعان، فإنه لو قال: "أشهد باللَّه أربع شهادات إني لمن الصادقين" كان ذلك مرة واحدة، ولو حلف في القَسَامة وقال: "أقسم باللَّه خمسين يمينًا أن هذا قاتلُه" كان ذلك يمينًا واحدة، ولو قال المقرّ بالزنا: "أنا أقر أربع مرات أني زنيت" كان ذلك مرة واحدة؛ فمن يعتبر الأربع لا يجعل ذلك إلا إقرارًا واحدًا، وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ قال في يومه: سبحان اللَّه وبحمده مئة مرة حُطَّتْ عنه خطاياه ولو كانت مثل زَبَدِ البحر" (١) فلو قال: "سبحان اللَّه وبحمده مئة مرة" لم يحصل له هذا الثواب حتى يقولها مرة بعد مرة، وكذلك قوله: "مَنْ سَّبح اللَّه دُبُرَ كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وحمده ثلاثًا وثلاثين، وكبَّره ثلاثًا وثلاثين" (٢) الحديثَ؛ لا يكون عاملًا به حتى يقولها (٣) مرة بعد مرة، ولا يجمع الكل بلفظ واحد، وكذلك قوله: "من قال: [في يومه] (٤): لا إلهَ إلا اللَّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير [مئة مرة] (٥) كانت له حِرزًا من الشيطان يومَهُ ذلك حتى يمسي" (٦) لا يحصل له هذا إلا بقولها مرة بعد مرة، وهكذا قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ} [النور: ٥٨] وهكذا قوله في الحديث: "الاستئذانُ ثلاثُ مرات، فإن أُذِنَ لك وإلا فارْجِع" (٧) لو قال الرجل ثلاث مرات هكذا كانت


(١) رواه البخاري (٦٤٠٥) في (الدعوات): باب فضل التسبيح، ومسلم (٢٦٩١) في (الذكر): باب فضل التهليل والتسبيح، من حديث أبي هريرة.
وفي "مسند أحمد" (٢/ ٣٧١): من حديث أبي هريرة: من قالها حين يمسي وحين يصبح.
(٢) رواه مسلم (٥٩٧) في (المساجد): باب استحباب الذكر بعد الصلاة، وبيان صفته، من حديث أبي هريرة.
وله شواهد عن عدد من الصحابة.
(٣) في المطبوع: "حتى يقول ذلك".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ك) و (ق).
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ن).
(٦) رواه البخاري (٣٢٩٣) في (بدء الخلق): باب صفة إبليس، و (٦٤٠٣) في (الدعوات): باب فضل التهليل، ومسلم (٢٦٩١) في (الذكر والدعاء): باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، من حديث أبي هريرة.
(٧) رواه البخاري (٦٢٤٥) في (الاستئذان): باب التسليم والاستئذان ثلاثًا، ومسلم (٢١٥٣) (٣٤) في (الآداب): باب الاستئذان، من حديث أبي سعيد الخدري.

<<  <  ج: ص:  >  >>