للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثاني والستون: أنه نهى عن بَيْعتين في بيعة (١)، وهو الشرطان في البيع في الحديث الآخر، وهو الذي لعاقده أوْكَسُ (٢) البيعتين أو الربا في الحديث الثالث، وذلك سدًا لذريعة الرِّبا؛ فإنه إذا باعه السلعة بمئتين مؤجّلة ثم اشتراها منه بمئة حالَّة (٣) فقد باع بيعتين في بيعة، فإنْ أَخَذَ بالثمن الزائد أخذ بالربا (٤)، وإن أخذ بالناقص أخذ بأوكسهما، وهذا من أعظم الذرائع إلى الربا، وأبعد (٥) كلَّ البُعد من حمل الحديث على البيع بمئة مؤجلة أو خمسين حالَّة (٦)، وليس هنا (٧) ربا ولا جهالة ولا غَرَر ولا قِمار ولا شيء من المفاسد؛ فإنه خَيَّره بين أي الثمنين شاء، وليس هذا بأبعدَ من تخييره بعد البيع بين الأخذ والإمضاء ثلاثة أيام (٨)،


= وفي (ق) و (ك): "سد الذرائع"، وجاء هذا الوجه في (ق) و (ن) مكان الوجه الثمانين.
(١) بهذا اللفظ رواه أحمد في "مسنده" (٢/ ٤٣٢ و ٤٧٥ و ٥٠٣)، والدارمي (١٣٧٩)، والترمذي (١٢٣١) في (البيوع): باب النهي عن بيعتين في بيعة، والنسائي (٧/ ٢٩٥ - ٢٩٦) في (البيوع): باب بيعتين في بيعة، وفي "الكبرى" (٦٢٢٨)، وأبو يعلى (٦١٢٤)، وابن الجارود (٦٠٠)، وابن حبان (٤٩٧٣)، والبيهقي (٥/ ٣٤٣)، والبغوي (٢١١١) من طرق عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وإسناده حسن.
ورواه محمد بن عمير عن أبي هريرة، كما عند البخاري في "التاريخ الكبير" (١/ ١٩٤ - ١٩٥)، والنسائي في "الكبرى" (٩٧٥٠) و (٩٧٥٢) -لكن ليس عنده موطن الشاهد من الحديث-، والخطيب في "تالي التلخيص" (٣٠٥)، وقال النسائي: وهذا منكر، ابن عمير مجهول، كما في "تحفة الأشراف" (١٠/ ٣٦٥)، وسقط في مطبوع النسائي.
وله لفظ آخر: "من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا"، رواه ابن أبي شيبة (٦/ ١٢٠)، وأبو داود (٣٤٦١) في (البيوع)، وابن حبان (٤٩٧٤)، والحاكم (٢/ ٤٥)، والبيهقي (٣/ ٣٤٣) من الطريق السابق. وبمعناه: "ولا شرطان في بيع"، وقد تقدم تخريجه.
وانظر: "تهذيب السنن" (٥/ ١٠٦ مهم، ١٤٤ - ١٤٩)، وقد خرج الحديث وتكلم على فقهه شيخنا الألباني -رحمه اللَّه- في "السلسلة الصحيحة" (٥/ رقم ٢٣٢٦)، فراجعها.
(٢) قال (و): ". . . وأوكس من الوكس كالوعد: النقصان، والتنقيص لازم ومتعد. . . " اهـ.
(٣) كذا في (ق) وهو الصواب، وفي سائر الأصول: "فإنه إذا باعه السلعة بمئة مؤجلة ثم اشتراها منه بمئتين حالة"!!
(٤) في (ق): "الربا".
(٥) في (ق): "وَبَعُد" مجودة.
(٦) هذا تصريح من الإمام ابن القيم بمشروعية (بيع التقسيط) المشهور اليوم، وعليه جماهير العلماء، وعليه مآخذ ومناقشات، انظرها في "السلسلة الصحيحة" (تحت حديث رقم ٢٣٢٦).
(٧) كذا في (ك) و (ق) وفي سائر الأصول: "ههنا".
(٨) انظر: النص الوارد في ذلك وتخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>