للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النفس بمعنى هذا اللفظ؛ فإن الألفاظ تتقاضى معانيها وتطلبها بالمشاكلة والمناسبة التي بين اللفظ والمعنى، ولهذا قل من تجده يعتاد لفظًا إلا ومعناه غالبٌ عليه، فسدّ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذريعة الخبث لفظًا ومعنى وهذا أيضًا من ألطف الباب (١).

الوجه الخامس والستون: أنه نهى أن يقول الرجل لغلامه وجاريته: عبدي، وأمَتِي، ولكن يقول: فَتَاي، وفتاتي (٢)، ونهى أن يقول لغلامه: وَضِّيء ربك، أطعم ربك (٣)، سدًا لذريعة الشرك في اللفظ والمعنى، وإن كان الربُّ هاهنا هو المالك كرب الدار ورب الإبل؛ فعدل عن لفظ العبد والأمة إلى لفظ الفَتَى والفَتَاة، ومنع من إطلاق لفظ الرب على السيد، حماية لجانب التوحيد (٤) وسدًا لذريعة الشرك (٥).

الوجه السادس والستون: أنه نهى المرأة أن تسافر بغير مَحْرَم (٦)، وما ذلك إلا لأن سَفَرها بغير محرم قد يكون ذريعة إلى الطَّمعِ فيها والفجورِ بها (٧).

الوجه السابع والستون: أنه نهى عن تصديق أهل الكتاب وتكذيبهم فيما يُحدِّثون به (٨)؛ لأن تصديقهم قد يكون ذريعة إلى التصديق بالباطل وتكذيبهم قد


(١) جاء هذا الوجه في (ق) و (ن) مكان الوجه الخامس والتسعين.
(٢) قطعة من الحديث الآتي.
(٣) رواه البخاري (٢٥٥٢) في (العتق): باب كراهية التطاول على الرقيق، وقوله: عبدي أو أمتي، ومسلم (٢٢٤٩) في (الألفاظ من الأدب): باب حكم إطلاق لفظ العبد والأمة، من حديث أبي هريرة رفعه: "لا يقل أحدكم: أطعم ربك، وضئ ربك، اسق ربك، وليقل: سيدي، ومولاي، ولا يقل أحدكم: عبدي، أمتي، وليقل: فتاي، وفتاتي، وغلامي".
(٤) في (ق): "لجنا".
(٥) وجاء هذا الوجه في (ق) و (ن) مكان الوجه التاسع.
(٦) سبق تخريجه بلفظ: "لا يحل لامرأة تؤمن باللَّه واليوم الآخر أن تسافر. . . إلخ".
(٧) جاء هذا الوجه مكان الوجه الخامس والثلاثين في (ق) و (ن).
(٨) رواه البخاري (٤٤٨٥) في (التفسير): باب {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا}، و (٧٣٦٢) في (الاعتصام): باب قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تسألوا أهل الكتاب عن شي"، و (٧٥٤٢) في (التوحيد): باب ذكر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وروايته عن ربه، من حديث أبي هريرة.
ولعل أصرح من حديث أبي هريرة ويوافق ما قاله المؤلف من التعليل في الحديث نفسه، حديث أبي نملة الأنصاري، الذي رواه عبد الرزاق (٢٠٠٥٩)، وأحمد (٤/ ١٣٦)، وأبو داود (٣٦٤٤) في (العلم): باب في رواية حديث أهل الكتاب، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (٤/ ١٤٠ - ١٤١ رقم ٢١٢١)، والدولابي في "الكنى =

<<  <  ج: ص:  >  >>